ينتظر الخليفة في المسجد المجيء بجنازة فاطمة للصلاة عليها .
ويتوافد الناس إلى المسجد للمشاركة في الصلاة عليها .
يَشِيع بين الناس خبرٌ مفاده أنّ عليّاً دفن فاطمة ليلة أمس !
يتوجّه الناس إلى البقيع لزيارة قبر فاطمة ، وإذا بهم يواجهون أربعين قبراً جُدُداً .
ياتُرى مَن مِن هذه القبور قبر فاطمة ؟!
لا أحد يدري هل دُفنت فاطمة حقّاً في هذه المقبرة ؟ أو يكون أنّها دُفنت في مكان غير هذا المكان !
يتلاوم الناس فيما بينهم قائلين : لم تحضروا وفاة بنت نبيّكم ولا الصلاة عليها، ولا تعرفون قبرها فتزورونه، وحُرِمتُم حتّى من تشييعها
[263] يجتمع جمع غفير في البقيع .
يتساءلون لماذا دُفنت فاطمة سرّاً ؟ ولماذا لم يُعْلَم على قبرها بعلامة ؟!
هذا العمل كان يحمل طابعاً سياسياً مهمّاً ، إنّه موقف الاعتراض الكبير .
انظر ، الخليفة وعمر يَقْدمان إلى هنا .
يريدان زيارة قبر فاطمة .
ولكن أين القبر حتّى يزورانه ؟
يغضب عمر .
هو يعرف أنّ إخفاء قبر فاطمة سوف يبقى علامة سؤال كبيرة في التاريخ .
كلّ من يقرأ التاريخ سيتساءل : لماذ أُخفي قبر فاطمة ؟
والجواب عن هذا السؤال لن يكون إلاّ بفضيحة الخلافة المجعولة!
يريد محو علامة السؤال هذه وإلى الأبد .
يجب أن يصلّي الخليفة على جثمان فاطمة .
يصمّم عمر على نبشر هذه القبور وإخراج جسد فاطمة حتّى يصلّي عليه الخليفة
[264] وفي الأثناء يقع نظر عمر على المقداد فيتوجّه نحوه ويسأله :
ـ متى دفنتم فاطمة ؟
ـ ليلة أمس .
ـ لماذا فعلتم هذا ؟ لماذا لم تصبروا حتّى نصلّي عليها نحن ؟
ـ كانت وصيّة فاطمة أن لا تصلّي عليها أنت ولا صاحبك .
يغضب عمر بشدّة ، فيهجم على المقداد يضربه ويضربه حتّى يكلّ .
فينهض المقداد والدماء تسيل من رأسه ووجهه .
حان الوقت لكي يخاطب المقداد الناس قائلاً : خرجَتْ بنت رسول الله من الدنيا وظهرها وجنبها ينزفان بالدم لما طعنتموها بنصل السيف وضربتموها بالسياط
[265] نعم ، بعدما فعلتم بها كلّ هذا ، كيف تتوقّعون أنّها تجيز لكم حضور جنازتها وشهادة دفنها ؟