يهجم جماعة كثيرة من مؤيّدي الخليفة على بيت علي .
كانوا كُثّراً يحملون سيوفهم بأيديهم ، وعليّ وحده !
هل سيحارب عليّ هؤلاء المهاجمين ؟
كلاّ ، لقد عاهد النبيَّ على الصبر على البلاء ما أدّى إلى حفظ الإسلام .
ليس في نفع الإسلام اندلاع حرب داخلية الآن
[119] يريد هؤلاء إخراج عليّ من المسجد ، ولكن أنّى لهم تحريكه من مكانه !
ما العمل ؟
يقترح أحدهم :
ـ اجلبوا حبلاً !
ـ ولمَ الحبل ؟ !
ـ لنلقيه في عنق عليّ ونسحبه إلى المسجد !
ـ الحبل ! الحبل !
تَلْتفتُ فاطمة نحو زوجها ، فتراهم قد أحدقوا به من كلّ جانب ، يريدون أخذه إلى المسجد .
اليوم عليّ وحده ، ليس له صاحب ولا معين .
ألقَوا حبلاً أسودَ في عنقه، وأخذوا يجرّونه
[120] ياربّ ! أيُّ صبر هذا الذي أعطيتَه لعليّ ؟!
ما أشدّ مظلومية عليّ وغربته في تلك اللحظات ؟!
يهمّون بإخراجه من البيت ، فتنتفض فاطمة من مكانها .
نعم ، هي المدافعة الوحيدة عن الإمامة ، تقف أمام الباب وتمدّ ذراعيها كأنّها تريد منعهم عن إخراج بعلها .
نعم ، تسدّ الباب بجسدها النحيل ، تمنعهم عن أخذ علي
[121] يجب فعل شيء ، لا زالت فاطمة حيّة ، لا بدّ من إسقاطها أرضاً .
* * *
* * *
يشير عمر إلى قنفذ ، فيلكزها بنعل السيف
[122] ويضربها عمر بالسوط هو أيضاً ... .
فيزرقّ جسد فاطمة مِن أثر السياط
[123] يا ويلتي !
إنّه ضربُ مَن قد نوى القتل ، نعم ، طالما فاطمة حيّة لا يمكن أخذ عليّ للبيعة .
يجب فعل شيء يجعل فاطمة طريحة بيتها فلا يمكنها المشي خلف علي .
يرفس عمر فاطمة بقوّة ، هنا يرتفع صوت فاطمة : أدركيني يا فضّة ، فقد واللهِ قتلوا محسناً
[124] ثمّ تسقط مغشيّاً عليها .
الآن يستطيعون بكلّ راحة أخذ عليّ إلى المسجد .
ينظر عليّ نحو زوجته ثمّ ينادي على فضّة أن تساعد فاطمة ، فقد استُشهِد محسن .
وتتعجّب الملائكة من صبر عليّ .
* * *
لقد عجبت من صبرك يا عليّ ملائكة السماوات والأرضين!
نعم ، إنّه ذلك العهد الذي أخذه النبيّ على عليّ أواخر أيّام حياته .
تلك اللحظة التي قال له فيها النبيّ : يا عليّ، عهد إليك بالصبر منك على كظم الغيظ، فإنّ الناس سينتهكون حرمتك بعدي ويغصبون حقّك .
فيجيبه عليّ قائلاً : نعم يارسول الله ، أصبر
[125] لماذا على عليّ أن يرى كلّ هذا بأُمّ عينيه ويصبر ؟
لاحتياج الإسلام في هذا اليوم إلى صبر عليّ ، فصبرُه كفيل بحفظ الإسلام المحمّدي الأصيل .
يفدي عليّ نفسه وزوجته للإسلام ، نعم ، هذه العائلة حاضرة أن تفدي كلّ ما تملك للدفاع عن دين الله .
هذه بداية الطريق ، ومحسن أوّل شهيد في هذا الطريق ، وكربلاء قادمة ... .
فاطمة الآن مرمية على الأرض ، وأهل المدينة يكتفون بالنظر ومشاهدة الأحداث الخطيرة !
ويَحْكم !
ألم تَرَوا بأُمّ عيونكم كيف أنّ النبيّ كلّما رأى فاطمة قام لها؟
[126] ماذا لو كان بين ظهرانيكم الآن وهو يرى فاطمة ساقطة على وجهها مكظومة غريبة بين أُمّة أبيها ؟ !
ما أسرع ما نَسِيتم أنّ فاطمة بضعة النبيّ ، تبّاً لكم !