الكلّ وقوف ينظرون إلى علي بحزن.
يتقدّم أحدهم يأخذ بعضد علي ويرفعه عن قبر الزهراء .
ويأخذ العبّاس عمّ النبيّ بيد علي ينهضه
[257] فكان آخر ما قاله لها : فإن أنصرفْ فلا عن مَلالة، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين ، الصبر أيمن وأجمل ، ولولا غلبة المستولين علينا لجعلتُ المُقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده معكوفاً
[258] ثمّ يرفع بصره نحو السماء ويقول : اللّهمّ إنّي راض عن ابنة نبيّك
[259] وبعد أن يرشّ على القبر الماء ، يغادر
[260] رفيقي في هذا السفر الحزين ، كفى بكاءً ، انهض ، فقد حان وقت العمل ، حيث يجب إكمال وصيّة فاطمة .
ألم نفعل ؟
لا ، لقد بَقيَت وصيّة واحدة .
أوصت فاطمة عليّاً أن يُخفيَ قبرها .
يجب إخفاء قبر فاطمة
[261] كيف ؟
تعالَ نُجري ذلك .
الليلة وحتّى صباح اليوم القادم سنحفر أربعين قبراً ثمّ نطمّها
[262] اسرعْ ! فليس عندنا مُتَّسعٌ من الوقت لذلك ، والناس سوف ينهضون لصلاة الصبح .
يُحفَر أربعون قبراً .
اسرعوا بالذهاب إلى بيوتكم .
إنّه صوت أذان الصبح : الله أكبر ، الله أكبر .
يستيقظ أهل المدينة من نومتهم .