سایت استاد مهدي خداميان آرانی
ما أكثر الذين حازوا على وسام الشهادة ونالوها بعزّ وافتخار، ولكن شتّان بينهم وبين الإمام الحسين(عليه السلام)، حيث اقترنت به الشهادة حتّى أضحى لا يُذكر دونها، ولا تُفسّر إلاّ به ، ولا تُضرب الأمثال في الفداء والتضحية إلاّ به، فكان حقّاً سيّد الشهداء وعميدهم. لقد نال الإمام الحسين(عليه السلام) أعظم وسام خصّه الله سبحانه وتعالى لعباده المخلصين، وهو وسام الشهادة في سبيل رفع كلمة التوحيد ومحاربة الظلم والجور. ومن ذلك الحين تسنّم لحسين(عليه السلام) عرش الشهادة، لم يدانِه أحد، بعد أن سجّل أعظم ملحمة من ملاحم البطولة والفداء في تاريخ الإنسانية. ولقد شهدت كربلاء هذه الملحمة التي لم يخبرنا التاريخ عن ملحمة أعظم وقعاً وأكثر تأثيراً في النفوس منها، ولم يخبرنا أيضاً عن بطولة شهيد كبطولة الحسين(عليه السلام)، وعن أصحاب في الإيثار والفداء والتضحية والاستقامة والشوق إلى الموت كأصحابه.
هناك أحاديث كثيرة في فضل زيارة قبر النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) وقبور الأئمّة الأطهار من ولده(عليهم السلام) وشدّ الرحال إليها ، وحثّ الشرع على زيارتها ، وقرّرتها سيرة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله) ، كما أكّدتها أحاديث سائر الفرق الإسلامية ، وعظّمها الصحابة في عهد النبيّ(صلى الله عليه وآله) ثمّ التابعون إلى يومنا هذا عملاً بقوله تعالى: (وَ مَن يُعَظِّمْ شَعـائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ).[۴] والزيارة هي عقد ولاء بين الزائر والمزور ، وليست كما يحاول أن يصوّرها بعض بأنّها نمط من أنماط الشرك ، ولا أدري كيف استُنبط الشرك من علاقة محبّة تجمع بين الحبيب وحبيبه ؟ الزيارة عمل يؤدّيه الزائر وفاءً للمزور بعد وفاته، ودلالة على استنهاج سبيله الذي سلكه في حياته، فلا تموت مبادئه بوفاته ، أو تنمحي عن الذاكرة تعليماته وإرشاداته . والزيارة نوع من الشكر للمزور على ما قام به في حياته من الهداية والإرشاد والدعوة إلى عبادة الواحد الأحد ، ومعاهدته على اقتفاء أثره والاقتداء به.
هناك روايات عديدة تنصّ على أنّ زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) فرض وعهد لازم على كلّ مؤمن ومؤمنة ، غير أنّنا سنقتصر في هذا الفصل على ذكر صحيحتين ، وهما: صحيحة محمّد بن مسلم، وصحيحة سعيد الأعرج. صحيحة محمّد بن مسلم ولهذه الرواية خمسة أسانيد: السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن أبيه وجماعة من مشايخه، عن سعد ومحمّد العطّار والحِميَريّ جميعاً، عن ابن عيسى، عن ابن بَزِيع، عن أبي أيّوب، عن محمّد بن مسلم.
نتناول في هذا الفصل الروايات التي تدلّ على ثواب زيارة الإمام الحسين(عليه السلام)وفضلها، وسنقتصر على الصحيحة منها خاصّةً، وهي عبارة عن ستّ صحاح: صحيحة عُيَينة بن ميمون، وصحيحة الحسن بن الجَهم، وصحيحة أحمد البَزَنطيّ، وصحيحة ابن أبي يعفور، وصحيحة معاوية بن وهب، وصحيحة زيد الشحّام. صحيحة عُيَينة بن ميمون ولهذه الرواية سندان:
نذكر في هذا الفصل الروايات الصحيحة التي تبيّن آثار زيارة الإمام الحسين(عليه السلام); من طول العمر، والبركة، ودفع البلاء وغير ذلك . وكما قلنا سابقاً فإنّا سنقتصر على الروايات الصحيحة خاصّة، ولذلك نذكر في المقام ثلاثاً منها وهي: صحيحة منصور بن حازم، ومصححّة الريّان بن شَبيب، وصحيحة أبي حمزة الثُّماليّ. صحيحة منصور بن حازم روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن محمّد بن عبد الله الحِميَري، عن أبيه، عن محمّد بن عبد الحميد، عن سيف بن عُمَيرة، عن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول:
۱ ـ اختيار معرفة الرجال (رجال الكشّيّ) ، أبو جعفر محمّد بن الحسن المعروف بالشيخ الطوسيّ (ت ۴۶۰ هـ ) ، تحقيق : السيّد مهدي الرجائي ، قمّ : مؤسّسة آل البيت ، الطبعة الاُولى ، ۱۴۰۴ هـ . ۲ ـ الاستذكار لمذهب علماء الأمصار ، الحافظ أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ القرطبي (ت ۳۶۸ هـ ) ، القاهرة : ۱۹۷۱ م . ۳ ـ الأعلام ، خير الدين الزركلي ( ت ۱۹۷۶ م ) ، بيروت : دار العلم للملايين ، ۱۹۹۰ م . ۴ ـ اقبال الأعمال، السيّد ابن طاوس، (ت ۶۶۴ هـ)، تحقيق: جواد القيّوميّ الإصفهانيّ، قمّ : مكتب الإعلام الإسلاميّ، الطبعة الاُولى.
بالا