في جُنح الظلام يلتفت علي نحو وَلَده الحسن فيطلب منه الذهاب لإخبار أبي ذر أنْ قد حان وقت تشييع فاطمة .
نعم ، يريد علي دفن فاطمة ليلاً
[246] يذهب الحسن والحسين إلى بيت أبي ذر
[247] ويدور أبو ذر حول بيوت سلمان والمقداد وعمّار والعبّاس عمّ النبيّ وحُذيفة، يخبرهم بخبر علي
[248] يتوجّه هؤلاء الستّة تحت جنح الظلام نحو بيت علي .
أتوا للصلاة على جنازة فاطمة .
يقف علي أمامهم ، ويقف الأنفار الستّة خلفه ، ويقف معهم يتامى فاطمة وسلمى وفضّة ، يصلّون على فاطمة .
انظر ، تنزل الملائكة أفواجاً إلى بيت علي ، انظر جبرئيل ، جاؤوا للصلاة على جثمان فاطمة
[249] ويتهيّأ هؤلاء الثلاثة عشر نفر لتشييع فاطمة .
انتظر !
يريد علي صلاة ركعتين .
انظر مولاك يقف للصلاة .
يُنهي علي صلاته ثمّ يرفع يديه نحو السماء ويدعو
[250] ماذا ناجى ربّه ؟
ويوضع جسد فاطمة في تابوت صُنع بطلبها
[251] أمر علي بإشعال جريد نخل أمام الجنازة
[252] ويبدأ تشييع الجنازة .
يُسمع صوت : إليَّ إليّ .
إلهي ! من أين هذا الصوت ؟
إنّه صوت قبر ستُدفَن فيه فاطمة .
انظر ، هناك قبر محفور .
يضعون التابوت عنده .
ينزلها علي في القبر فتخرج يد فتتناولها
[253] لا أحد يعلم تلك يدَ مَن كانت ؟!
يخاطب علي قبر فاطمة : أيّها القبر، أُسلّمك هذه الأمانة ، إنّها ابنة رسول الله .
يسلّم علي كلّ ما يملك إلى تراب القبر ، فيسمع نداءً : يا علي ، اعلم أنّي أرحمُ بفاطمة منك
[254] ولمّا وضع فاطمة في القبر، قال: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله محمّد بن عبد الله صلّى عليه وآله ، سلّمتُكِ أيّتها الصدّيقة إلى مَن هو أولى بكِ منّي، ورضيت لكِ بما رضيَ الله تعالى لكِ .
تتعجّب الملائكة من صبر علي .
قد سلّم أمره إلى الله في كلّ ما جرى عليه من مصائب وأحزان .
يودّع علي فاطمة وإلى الأبد ، فيما يداه تسويان تراب القبر وعيناه تذرفان غزير الدمع .
ثمّ يقوم برشّ الماء على قبرها .