هل توافقني بالعروج على بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ؟
انظر ، أرى عليّاً(عليه السلام) عند جسد النبيّ في بيته ، وهو الآن جالس عند حافّة القبر ، وبقربه عمّه العبّاس ، وحولهما بنو هاشم .
وكان قد حضر أيضاً المقداد وسلمان وأبو ذر، وبعض ممّن حضر وآثر البقاء في بيت النبيّ على الاشتراك في السقيفة .
نعم ، أغلب المسلمين لم يحضروا دفن النبيّ
[42] يقترب شخص ، يسأل الجميعَ : أين عليّ ؟
ـ إذا أردتَ عليّاً فاذهب عند القبر تجده هناك .
يريد أن يقول خبراً مهمّاً لعليّ .
وخبرُه هو : بايع الناسُ أبا بكر في السقيفة .
انظر مولاك عليّاً .
يأخذ بقراءة هذه الآية : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءَامَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ )
[43] نعم ، هؤلاء الذين كانوا يدّعون الإيمان، انظر كيف سقطوا في مستنقع الدنيا ، ولم يثبت إلاّ القليل منهم .
كان هذا اليوم يومَ امتحان كبير ، ولكن ممّا يُؤسَف له أنّ الكثير من المسلمين نُكسوا في هذا الامتحان
[44] استمع إلى صوت من خارج البيت يطرق مسامع الحضور .
ـ يا عليّ ، بايَعَ الناس أبا بكر ، ولو شئتَ لَنحاربنّهم
[45] رفيقي في هذا السفر ، توافقني الرأي بالخروج لمعرفة صاحب الصوت ؟
يا إلهي ! إنّه أبو سفيان !
هذا الذي أشعل نار الحرب في بدر وأُحد لقتل النبيّ ، ماذا حصل اليوم فصار يتحرّق قلبه على الإسلام ؟!
كلاّ ، إنّه لا يتحرّق على الإسلام ، إنّه يريد بهذا كيداً بالمسلمين وإيقاعَ الفتنة والاختلاف بينهم .
يقترب فيقول لعليّ : امدد يدك يا عليّ لأُبايعَك
[46] انظر كيف يجيب مولاك عليٌّ أبا سفيان : ارجع يا أبا سفيان ! فوالله ما تريد اللهَ بما تقول ، وما زلتَ تكيد الإسلام وأهله .
فيعود أبو سفيان من حيث أتى
[47] نعم ، كان أبو سفيان يخطّط للانتقام من الإسلام وتمزيق المسلمين .
وهو أوّل شخص جاء بخبر السقيفة إلى عليّ ، كان قد رأى شجاعة عليّ وقتاله في الحروب ، فتصورّ أنّ عليّاً سيخرج حاملاً سيفه نحو السقيفة ليقتل كلّ من يعارضه ، فتشتعل الحرب الداخلية في المدينة ، عندها ستتاح الفرصة أمام الروم للانقضاض على المسلمين والقضاء على الإسلام ، فيحصل ما يتمنّاه أبو سفيان
[48] لم يكن أبو سفيان ليتصوّر أنّ عليّاً سيُخيّب أمله هكذا .
نعم ، لقد بذل عليّ الغالي والنفيس لأجل الإسلام ، ولن يسمح لأبي سفيان تحقيق مآربه في الكيد بالإسلام .
بالأمس كان سيف عليٍّ مظهر حفظ الإسلام ، واليوم صبرُ عليٍّ مظهر بقاء الإسلام .