کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    أقدام مُريبة في الظلام

      أقدام مُريبة في الظلام


    لا يزال البعض من أصحاب النبيّ أمثال سلمان والمقداد وأبي ذرّ وعمّار لم يبايعوا الحاكم بعد ، وكذلك العبّاس عمّ النبيّ لم يحضر البيعة .
    وكانوا يتردّدون على بيت عليّ ، مُعلنين عن ثباتهم على بيعتهم لعليّ في غدير خمّ بأمر الله ورسوله في ذلك اليوم المشهود.
    والآن، يجب العمل على جلب هؤلاء للبيعة لأبي بكر بأيّ أُسلوب كان .
    وتبرز عندهم شخصية العبّاس عمّ النبيّ الأهمّ من بين هؤلاء ، إذا ما استطاعوا كسبه إلى جانبهم فستُحَلّ حتماً الكثير من مشاكلهم .
    نعم ، هو كبير بني هاشم ، وجذبه للبيعة يُعَدّ امتيازاً كبيراً لأبي بكر .
    يسدل الليل أذياله ، انظر ، يخرج أبو بكر ملتحفاً سواد الليل يرافقه البعض من المسلمين .
    رفيقي في هذا السفر ، هل توافقني كي نصحبهم لنرى وُجهتَهم إلى أين في هذه الليلة الظلماء ؟
    انظر ، إنّهم يتوجّهون نحو محلّة بني هاشم ، يطرقون باب العبّاس عمّ النبيّ ، يفتح لهم العبّاس ، فيدخل الخليفة ومُرافقوه .
    ـ هل أنتم من رفقاء الخليفة أيضاً ؟
    ـ كلاّ ! أنا كاتب ، وهذا صديقي قارئ كتابي ، جئنا نستطلع ماذا يريد الخليفة منك .
    ـ تفضّلا .
    ندخل البيت ونجلس في إحدى زوايا الغرفة ، ناظرين مستمعين.
    انظر ، العبّاس يفكّر داخل نفسه ، ماذا يريد الخليفة منه في هذا الوقت المتأخّر من الليل يا تُرى؟ !
    يمسح أبو بكر على لحيته البيضاء ويبتدئ بالكلام، فيما أنا أُخرج قلمي وأوراقي وأكتب ما يقول :
    ـ إن الله بعث محمّداً نبيّاً ، وللمؤمنين وليّاً ، فمنّ عليهم بكونه بين أظهرهم ، حتّى اختار له ما عنده ، فخلّى على الناس أموراً ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين ، فاختاروني عليهم والياً ، ولأُمورهم راعياً ، فوُلِيّتُ ذلك، وما أخاف بعون الله وتسديده وهناً ولا حيرةً ولا جبناً ، وما توفيقي إلاّ بالله، عليه توكّلت وإليه أُنيب ، وما زال يبلغني عن طاعن يطعن بخلاف ما اجتمعَتْ عليه عامّة المسلمين ويتّخذونكم لحافاً ، فإمّا دخلتم فيما دخل فيه العامّة أو دفعتموهم عمّا مالوا إليه ، وقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك ولِعَقِبك من بعدك، إذ كنتَ عمَّ رسول الله ، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان أصحابك فعدلوا الأمر عنكم ![71]
    يسكت الجميع بانتظار سماع ردّ العبّاس ماذا سيكون!
    هل سيتخلّى عن عليّ طمعاً بما أطمعوه من الرئاسة والسلطة ؟!
    يغتنم عمر لحظات الصمت فينبري قائلاً : يا عبّاس ، إنّا لم نأتكم لحاجة إليكم ، ولكن كرهاً أن يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم ، فيتفاقم الخَطْب بكم وبهم[72]
    لحظات حسّاسة ومصيرية ، هل سيقبل العبّاس كلام هؤلاء ؟
    لم يَذُق أنصار الخليفة طعم النوم في هذه الليلة ، فلقد داروا على بيوت كبار المدينة مطمعين إيّاهم بالمال والمنصب .
    هل سيستطيعون في هذه الليلة إجراء معاملة شراء موقف العبّاس مقابل السلطة والحكومة ؟
    يسكت الجميع كأنّ على رؤوسهم الطير ، يا ترى ماذا سيكون ردّ العبّاس ؟
    حقّاً إذا ما وافق العبّاس على هذا المعاملة الخطيرة فلن تكون سهلة لعليّ ، ماذا سيكون موقف الناس حينما سيجدون أنّ كبير بني هاشم قد تخلّى عن ابن أخيه المظلوم عليّ ؟
    يا إلهي، سدّد العبّاس في هذا الامتحان العسير !
    قال الجميع ما عندهم ، ولم يبق سوى الاستماع إلى جواب العبّاس .
    عندها يكسر العبّاس الصمت فيقول : يا أبا بكر ! إن كان هذا الأمر إنّما وجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنّا كارهين ، إن كنت برسول الله جلست فحقَّنا أخذت ، وإن كنت بالمؤمنين طلبت ، فنحن متقدّمون فيهم ، وما أبعدَ تسميتَك خليفة رسول الله من قولك : خُلِّيَ على الناس أُمورهم ليختاروا، فاختاروك!
    فأمّا ما قلت : إنّك تجعله لي ، فإن كان حقّاً للمؤمنين فليس لك أن تحكم فيه ، وإن كان لنا فلم نرضَ ببعضه دون بعض ، وعلى رَسْلك ! فإنّ رسول الله من شجرة نحن أغصانها، وأنتم جيرانها[73]
    ييأس الجميع بعد سماع جواب العبّاس هذا .
    جاء الخليفة لكي يعزل العبّاس عن عليّ ، وإذا بجواب العبّاس يخيّب أمله هذا الذي طمح إليه .
    انظر ، لا يحير الخليفة جواباً ، بماذا يجيب أمام هذا الرأي القاطع المُفحِم ؟!
    لذا يترك الخليفة وأصحابه البيت حتّى بدون توديع أهله !



نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب صرخة النور نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن