اليوم يوم السبت ، صباح الثالث من شهر ربيع الأوّل ، أقفزُ من نومي مسرعاً لأذهب نحو المكان الموعود .
جاء عليّ قبل الجميع ، بانتظار أُولئك الذين وعدوه النُّصرة .
وكان المقداد سبّاقاً في المجيء .
أضحى المقداد في تلك الأيّام الرجل المخلص بين حواريّي عليّ ، كان أعظمهم حبّاً وإيماناً في طريق عليّ
[90] انظر ، إنّه يقبض على قائم سيفه وعيناه في عينَي مولاه عليٍّ ينتظر أن يأمره فيمضي .
مرحباً لك !
من أنت ؟ ولماذا لا نعرفك ؟
كيف حصل أنّك سبقت الجميع ؟
ليت الوقت يسنح لي لأكتب عنك وعن عزمك الشامخ، وأُعرّفك أكثر لأصدقائي
أضحيتَ الآن أحد مفاخر التاريخ .
فأنت الذي لم يدخل الريبُ قلبَه في طريق عليّ .
انظر، شيئاً فشيئاً يصل سلمان وأبو ذرّ وعمّار أيضاً .
وكلّما طال الانتظار لم يقدم أحد غير هؤلاء !
[91] أين أُولئك الذين وعدوا فاطمة ليلة أمس ؟
رفيقي في هذا السفر ، لا فائدة من الانتظار ، هؤلاء لا يريدون الوفاء بوعدهم .
ولكن لا بدّ من إتمام الحجّة عليهم .
والليلة أيضاً يطوف عليّ ترافقه فاطمة والحسن والحسين على دُور الأصحاب، فيعاهدونه من جديد على الوفاء له ، ويتكرّر نقضهم لعهدهم من جديد .
نعم ، يخاف هؤلاء الناس من الموت ، إنّهم يعرفون أنّ معارضة الخليفة معناه تعريض النفس للخطر .
تُعَدّ مخالفة الخليفة اليوم مخالَفةً للإسلام ، وكلّ من يخالف سيكون الموت بانتظاره .
وفي الليلة الثالثة يطوف أيضاً عليّ بفاطمة والحسن والحسين على بيوت الأصحاب، ولا يحصل إلاّ على وعود كاذبة .
يصل الخبر إلى الخليفة أنّ عليّاً يطوف على بيوت الناس يطلب النصرة .
يُزعِج هذا الخبر الخليفة وصاحبه ، فيقرّرون أن يفعلوا شيئاً قبل فوات الأوان .