انظرْ هناك !
أحد كبار الخزرج يتقدّم إلى الأمام وينادي بصوت مرتفع : أيّها الناس ، املكوا عليكم أمركم ، لا تسمعوا لأبي بكر ، لا يخدعنّكم قوله !
نحن مَن آوى النبيَّ حين أخرجه أهل مكّة ، ونصرناه بالغالي والنفيس ، فنحن أحقّ بالأمر منهم ، وإذا لم يقبل المهاجرون ذلك نخرجهم من المدينة !
ثمّ يلتفت نحو أبي بكر وعمر وبقيّة المهاجرين الحاضرين هناك فيقول : والله ، لا يخالفنا أحد إلاّ كان السيف بيننا وبينه
[23] وتسود الضجّة مرّة أُخرى ، فقد أخذ الأنصار يهتفون له بالتأييد .
انظر ، بدأ الخوف يدبّ في أوصال المهاجرين .
أهل المدينة (الأنصار والمهاجرون) إلى حدّ أمس كانوا إخوة ، واليوم يقف بعضهم في وجه البعض طمعاً بالرئاسة ، ويتعطّشون لدماء بعضهم .
كان عدد المهاجرين قليلا جدّاً ، فضَعُف أملهم ، وقد وصل الموضوع إلى أوج حسّاسيته ، ليصل إلى حدّ التهديد بالسيف !
كلّ شيء تهيّأ ليبايع الناس سعداً ، نعم ، سعد رئيس قبيلة الخزرج يمنّي نفسه الآن بمسند الخلافة .