يذهب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيته، ويتفرّق من كان معه ... وبعد ساعة .
الله أكبر ! الله أكبر !
إنّه صوت بلال يملأ الآفاق .
يتوجّه الناس مسرعين صوب المسجد لأداء صلاة الصبح خلف النبيّ .
يطول انتظار المصلّين ، هل سيأتي النبيّ لصلاة الصبح ؟
يبدو أنّ حمّى النبي أضحت شديدة ، فمنعته من الحضور إلى المسجد
[36] وفجأه يدخل أبو بكر المسجد ، يندهش الناس لحضوره ! ماذا يفعل هنا ؟
ألم يأمره النبيّ بالالتحاق بجيش أُسامة إلى حدود الروم ؟ لأيّ سبب رجع إلى المدينة ؟
انظر !
يتوجّه أبو بكر نحو المحراب، ويقف في مقام النبيّ، ويلتفت نحو الناس قائلاً : أيّها الناس ، قد عجز النبيّ عن القدوم إلى المسجد للصلاة ، فأرسَلَني أُصلّي بكم !
يقف عمر بقربه يراقب الناس ; كي لا يعترض عليه أحد
[37] لكنّ بلالاً يقوم من مكانه قائلاً للناس : البثوا حتّى أذهب إلى النبيّ أسأله هل هو أرسل أبا بكر للصلاة فينا ؟
كان الجميع يعلم أنّ عليّاً(عليه السلام) هو خليفة النبيّ ، ولطالما ناب عنه في الصلاة بهم ، وأمّا أبو بكر فلم يسبق أن خلّفه النبيُّ في صلاة قطّ !
يتوجّه بلال نحو بيت النبيّ ، يطرق الباب ، يفتح له الفضل بن العبّاس ابن عمّ النبيّ .
ـ ما الخبر يا بلال ؟
ـ جئت أستعلم هل أنّ النبيّ أرسل أبا بكر للصلاة ؟
ـ ماذا تقول ؟ إنّ أبا بكر خارج المدينة في جيش أُسامة !
ـ كلاّ ، إنّه يقف الآن في محراب النبيّ يريد الصلاة بالمسلمين جماعةً !
يتعجّب الفضل بن العبّاس ، فيندفع نحو النبيّ .
انظر !
يرفع عليّ(عليه السلام) رأس النبيّ إلى صدره ، يبدو أنّ حال النبيّ وخيمة جدّاً .
يشرح بلال ما يحدث الآن في المسجد ، وما أن يسمع النبيّ ذلك حتّى يقول : خذوني إلى المسجد !
انظر !
يقف أبو بكر في المحراب يصلّي بجماعة من الناس، فيما يقف عمر بقربه كأنّه يحميه !
ويقف جماعة في أطراف المسجد لم يشتركوا في الصلاة، لا يدرون ماذا يفعلون .
يدخل النبيّ المسجد ، يتوجّه نحو المحراب ، يشير بيده، فيتنحّى أبو بكر جانباً .
لم يستطع النبيّ الوقوف على رجليه ، فيصلّي جالساً مبتدئاً بالصلاة
[38] وبعد أن ينتهي النبيّ من الصلاة يلتفت نحو أبي بكر ويقول له : ألم آمر أن تُنفذِوا جيش أُسامة ؟ فلِمَ تأخّرتم عن أمري ورجعتم إلى المدينة ؟
يجيبه أبو بكر : إنّي كنت قد خرجت ثمّ رجعت ; لأجدّد بك عهداً !
فيلتفت النبي نحوه ويقول له : أسرِعوا والتحقوا بجيش أُسامة ، توجّهوا إلى حدود الروم ، اللّهمّ العن مَن تخلّف عن جيش أُسامة
[39] يرجع النبيّ إلى بيته .
يقرّر أبو بكر الالتحاق بجيش أُسامة ، ولكن عمر يقترب منه ويتكلّم معه .
نأمل أنّ أبا بكر سيعصي كلام عمر .
ولا أدري ماذا همس عمر بأُذن أبي بكر حتّى جعله ينصرف عمّا عزم عليه ؟
[40]