کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    الفصل الثاني

     الفصل الثاني


    إنّ الروايات التي ذُكر فيها فضل البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) كثيرة جدّاً، ولقد عقد العلاّمة المجلسي باباً في بحار الأنوار استقصى فيه جميع ما ورد في هذا المجال[105]
    وحينما يقرأ الإنسان هذه الروايات يصل إلى هذه النتيجة، وهي أنّ أفضل لحظات القرب إلى الله تعالى هي تلك الدموع التي تنساب بحرارة وحرقة على خدّيه ، تعبيراً عن الحزن والولاء لصاحبها أبي الأحرار الحسين(عليه السلام) .
    نعم ، إنّ البكاء على الحسين(عليه السلام) يوجب غفران الذنوب العظام، وأنّ الباكي عليه يكون في الدرجات العلى من الجنان مع الأولياء والصالحين، وأنّ الله جعل يوم القيامة للباكي على الحسين(عليه السلام) يوم سرور وفرح ، إلى غير ذلك ممّا تذكره تلك الروايات .
    ولقد قمنا في هذا الفصل بتحقيق الروايات المعتبرة التي ذكرت فضل البكاء على الحسين(عليه السلام).
    ونكتفي بذكر خمسة منها : مصححّة الريّان بن شَبيب، وصحيحة فُضَيل بن يَسَار، وصحيحة بَكر بن محمّد، وصحيحة محمّد بن مسلم، وصحيحة معاوية بن وهب.
    وإليك الأحاديث الواردة في المقام:


    مصحّحة الريّان بن شَبيب

    روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا(عليه السلام) والأمالي عن اُستاذه محمّد بن علي ماجِيلَوَيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريّان بن شَبيب، قال:
    دخلت على الرضا(عليه السلام) في أوّل يوم من المحرّم، فقال لي: يا بن شَبيب، أصائم أنت؟
    فقلت: لا.
    فقال(عليه السلام): إنّ هذا اليوم هو اليوم الذي دعا فيه زكريا ربّه عزّ وجلّ فقال: (رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَآءِ)[106]
    ثمّ قال(عليه السلام): يا بن شَبيب، إنّ المحرّم هو الشهر الذي كان أهل الجاهلية فيما مضى يحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته، فما عرفت هذه الاُمّة حرمة شهرها ولا حرمة نبيّها، لقد قتلوا في هذا الشهر ذرّيته، وسبوا نساءه، وانتهبوا ثقله، فلا غفر الله لهم ذلك أبداً.
    يا بن شَبيب، إن كنت باكياً لشيء فابكِ للحسين بن علي بن أبي طالب(عليهما السلام)فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش، وقُتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً، ما لهم في الأرض شبيهون .
    ولقد بكت السماوات السبع والأرضون لقتله، ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصره، فوجدوه قد قُتل، فهم عند قبره شُعثٌ غُبرٌ إلى أن يقوم القائم، فيكونون من أنصاره، وشعارهم : يا لثارات الحسين.
    يا بن شَبيب، لقد حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، أنّه لمّا قُتل جدّي الحسين أمطرت السماء دماً وتراباً أحمر .
    يا بن شَبيب، إن بكيت على الحسين حتّى تصير دموعك على خدّيك، غفر الله لك كلّ ذنب أذنبته، صغيراً كان أو كبيراً، قليلاً كان أو كثيراً.
    يا بن شَبيب، إن سَرّك أن تلقى الله عزّ وجلّ ولا ذنب عليك، فزر الحسين(عليه السلام).
    يا بن شَبيب، إن سَرّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنّة مع النبيّ(صلى الله عليه وآله)، فالعن قتلة الحسين.
    يا بن شَبيب، إن سَرّك أن يكون لك من الثواب مثلما لمن استشهد مع الحسين، فقل متى ما ذكرته: "يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً".
    يا بن شَبيب، إن سَرّك أن تكون معنا في الدرجات العُلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا، وعليك بولايتنا، فلو أنّ رجلاً تولّى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة[107]
    ذكرها السيّد ابن طاووس، والعلاّمة المجلسي، والحرّ العاملي[108]
    والآن نتعرّض لوثاقة رجال السند .
    وثاقة الشيخ الصدوق
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابَوَيه ، القمّي : أبو جعفر ، نزيل الري ، شيخنا وفقيهنا ووجه الطائفة بخراسان ، وكان ورد بغداد سنة خمس وخمسين وثلاثمئة، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السنّ ،
    وله كتب كثيرة"[109]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابَوَيه القمّي : جليل القدر ، يُكنّى أبا جعفر ، كان جليلا ، حافظاً للأحاديث ، بصيراً بالرجال ، ناقداً للأخبار ، لم يُرَ في القمّيّين مثله في حفظه وكثرة علمه"[110]
    وذكره في رجاله قائلاً : "محمّد بن علي بن الحسين بن بابَوَيه القمّي : يُكنّى أبا جعفر ، جليل القدر ، حفظة ، بصير بالفقه والأخبار والرجال"[111]
    حال محمّد بن علي، ماجِيلَوَيه
    هناك رجلان معروفان بماجيلَوَيه; أوّلهما: محمّد بن عبيد الله بن عمران البرقي، وثانيهما: محمّد بن علي بن محمّد بن عبيد الله بن عمران البرقي.
    ففي الواقع أنّ ماجيليويه الثاني هو حفيد الأوّل، ونحن نعبّر عن الأوّل بماجيلويه الجدّ، وعن الثاني بماجيلويه الحفيد.
    أمّا ماجيلويه الجدّ فقد ذكره النجاشي في رجاله قائلاً: "محمّد بن أبي القاسم عبيد الله بن عمران الجنابي البرقي، أبو عبد الله، الملقّب ماجِيلَوَيه، وأبو القاسم يُلقّب بُندار، سيّد من أصحابنا القمّيين، ثقة عالم فقيه..."[112]
    وأمّا ماجيلويه الحفيد فلم يُذكر له في كتب الرجال توثيق صريح، وربّما يُستدلّ على وثاقته بكونه من مشايخ الصدوق، كما أنّ العلاّمة صحّح كتاب الفقيه إلى منصور بن حازم ومعاوية بن وهب، وفيه ذكر ماجيلويه الحفيد.[113]
    والحاصل من هذا: إنّ ماجيلويه الحفيد كان طريقاً إلى تراث علي بن إبراهيم القمّي، فالشيخ الصدوق روى عن طريق ماجيلويه الحفيد كتاب علي بن إبراهيم، وسنذكر فيما بعد أنّ على بن إبراهيم ألّف كتاب النوادر، وكان هذا الكتاب معتبراً ومشهوراً عند قدماء أصحابنا، وكان اعتماد الشيخ الصدوق على ماجيلويه الحفيد لأنّه كان مجرّد طريق إلى كتاب مشهور.
    وثاقة علي بن إبراهيم الهاشمي
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "علي بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمّي: ثقة في الحديث، ثبت ، معتمد، صحيح المذهب، سمع فأكثر، وصنّف كتباً وأضرّ في وسط عمره"[114]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي، له كتب، منها كتاب التفسير"[115]
    ووثّقه ابن داود في رجاله قائلاً: "علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي، أبو الحسن، ثقة في الحديث، ثبت، معتمد، صحيح المذهب"[116]
    وكذلك العلاّمة في خلاصة الأقوال قائلاً: "علي بن إبراهيم بن هاشم القمّي، أبو الحسن، ثقة في الحديث، ثبت، معتمد، صحيح المذهب، سمع وأكثر، صنّف كتباً، وأضرّ في وسط عمره"[117]
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "إبراهيم بن هاشم، أبو إسحاق القمّي، أصله كوفي، انتقل إلى قمّ، قال أبو عمرو الكشّي: تلميذ يونس بن عبد الرحمن، من أصحاب الرضا(عليه السلام)، هذا قول الكشّي، وفيه نظر، وأصحابنا يقولون: أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ هو"[118]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "إبراهيم بن هاشم، أبو إسحاق القمّي، أصله الكوفة، وانتقل إلى قمّ ، وأصحابنا يقولون: إنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ، وذكروا أنّه لقي الرضا(عليه السلام)"[119]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام)، قائلاً: "إبراهيم بن هاشم الهاشمي: تلميذ يونس بن عبد الرحمن"[120]
    وقال العلاّمة في خلاصة الأقوال: "لم أقف لأحد من أصحابنا على قول في القدح فيه ولا على تعديله بالتنصيص، والروايات عنه كثيرة، والأرجح قبول قوله"[121]
    ثمّ إنّه وقع الكلام في توثيق الرجل، فقيل بأنّه لم يصرّح الرجاليون بتوثيقه، ونحن نعتقد أنّ شأن إبراهيم بن هاشم أجلّ من أن يوثّق، وفي الواقع أنّه غنيّ عن التصريح بالتوثيق.
    وبيان ذلك: ذكر الشيخ والنجاشي أنّه أوّل من نشر حديث الكوفيّين بقمّ، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على اعتماد القمّيّين على روايات إبراهيم بن هاشم.
    وأنت خبير بأنّ القمّيّين كانوا مستصعبين ومتشدّدين في قبول التراث الحديثي وتوثيقه، فلو كان في إبراهيم بن هاشم شائبة من غمز لم يعتمدوا على رواياته.
    والشواهد تشير بأنّه لمّا هاجر من الكوفة إلى قمّ وقام بنشر الحديث في هذه المدينة، اعتمد أصحابنا القمّيون عليه واهتمّوا برواياته أكبر اهتمام، وكلّ ذلك إنّما يكون بسبب أنّهم وجدوه ثقة جليلاً معتمداً.
    فعدم التصريح بتوثيق إبراهيم بن هاشم لم يكن إلاّ لعدم الحاجة إلى ذلك.
    نعم، لقد ادّعى السيّد ابن طاووس الاتّفاق على وثاقة علي بن إبراهيم، حيث قال عند ذكر رواية في سندها علي بن إبراهيم: "ورواة الحديث ثقات بالاتّفاق"[122]
    وذكر الشهيد الثاني أنّ إبراهيم بن هاشم كان من أجلّ الأصحاب وأكبر الأعيان، وحديثه من أحسن مراتب الحسن[123]
    ولقد أجاد المحقّق الهمداني حين قال: "قد يناقش في وصف حديث إبراهيم بن هاشم بالصحّة، حيث إنّ أهل الرجال لم ينصّوا بتوثيقه، وهذا لا ينبغي الالتفات إليه، فإنّ إبراهيم بن هاشم ـ باعتبار جلالة شأنه وكثرة رواياته واعتماد ابنه والكليني والشيخ وسائر العلماء والمحدّثين ـ غنيّ عن التوثيق، بل هو أوثق في النفس من أغلب الموَثّقين الذين لم يُثبت وثاقتهم إلاّ بظنون اجتهادية غير ثابتة الاعتبار. والحاصل من هذا: أنّ الخدشة في روايات إبراهيم في غير محلّها"[124]
    وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الشيخ الكليني في كتابه الكافي نقل عن اُستاذه علي بن إبراهيم عن إبراهيم بن هاشم في أكثر من 4800 رواية، وكما هو معلوم إنّ مجموع ما أورده الشيخ الكليني في الكافي حدود 15000 حديث، ممّا يعني أنّ حدود ثلث التراث الحديثي عند الشيخ الكليني إنّما يكون من طريق إبراهيم بن هاشم.
    وإليك كلام السيّد الداماد في المقام: "الأشهر الذي عليه الأكثر عدّ الحديث من جهة إبراهيم بن هاشم حسناً، ولكن في أعلى درجات الحسن التالي لدرجة الصحّة... والصحيح الصريح عندي أنّ الطريق من جهته صحيح، فأمره أجلّ وحاله أعظم من أن يعدّل بمعدّل أو يُوثّق بموثّق، حكى القول بذلك جماعة من أعاظم الأصحاب ومحقّقيهم، وعن شيخنا البهائي، عن أبيه أنّه كان يقول : إنّي لأستحيي أن لا أعدّ حديثه صحيحاً، يفهم توثيقه من تصحيح العلاّمة طرق الصدوق"[125]
    كما أنّ السيّد الخوئي صرّح بأنّه لا ينبغي الشكّ في وثاقة إبراهيم بن هاشم[126]
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ إبراهيم بن هاشم أجلّ من أن يوثّق بكلام أحد غيره، بل غيره يوثّق به.
    وثاقة الريّان بن شَبيب
    مدحه الكشّي في رجاله[127]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "ريّان بن شَبيب، خال المعتصم، ثقة، سكن قمّ، روى عنه أهلها"[128]
    ووثّقه العلاّمة في خلاصة الأقوال[129130]
    وبالجملة: أنّ الشواهد تدلّ على قبول رواية رجال هذا الحديث، وعليه يكون الحديث مصححّاً.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم، وهو كتاب معتمد عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو تصفّحنا رجال النجاشي وفهرست الشيخ، نجد أنّهما ذكرا في عداد كتب إبراهيم بن هاشم كتاب النوادر ، كما ورويا بالإسناد عن علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم هذا الكتاب.[131]
    وإنّ إبراهيم بن هاشم سمع هذا الحديث من ريّان بن شَبيب فأدرجه في كتابه النوادر، ثمّ قام ابنه علي بن إبراهيم بتحمّل هذا الكتاب من أبيه، كما أنّ ماجِيلَوَيه تحمّل هذا الكتاب من شيخه علي بن إبراهيم.
    فتحصّل لدينا أنّه كان عند ماجِيلَوَيه نسخة من كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم، وهي نسخة ابنه علي. فإذا راجعت التراث الحديثي للشيخ الصدوق تجد أنّه في أكثر من أربعين حديثاً روى عن ماجِيلَوَيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، وهذه الأخبار تؤيّد ما ذكرنا من أنّ ماجِيلَوَيه روى كتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم القمّي[132]
    فكتاب النوادر لإبراهيم بن هاشم كان عند الشيخ الصدوق، وهو قد تحمّل هذا الكتاب من اُستاذه ماجِيلَوَيه، عن علي بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم.
    فتبيّن من هذا: أنّ مصححّة الريّان بن شَبيب من الروايات المعتبرة، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية كان في غاية الاعتبار.
    تتميم :
    صرّحت مصححّة الريّان بن شَبيب بأنّ البكاء على أهل البيت(عليهم السلام) يوجب غفران جميع الذنوب .
    ومن المناسب أن اُشير هنا إلى آثار الذنوب وعواقبها على الإنسان; حتّى نعرف فضيلة البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) وأثره على الإنسان فيمسح كلّ الذنوب التي تُبعد الإنسان عن الله ، فنقول على لسان الروايات:
    1 ـ ما روي عن أبي عبد الله(عليه السلام) : أما إنّه ليس من عِرق يضرب، ولا نَكبَة ولا صَداع ولا مَرض، إلاّ بذنب، وذلك قول الله عزّ وجلّ في كتابه: (وَ مَآ أَصَـبَكُم مِّن مُّصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَن كَثِير)[133134]
    2 ـ وعن أبي جعفر(عليه السلام) : ما من نَكبة تصيب العبد إلاّ بذنب، وما يعفو الله عنه أكثر[135]
    3 ـ وعن أبي اُسامة، عن أبي عبد الله(عليه السلام) : تعوّذوا بالله من سَطوَات الله بالليل والنهار، قال: قلت له: وما سطوات الله؟ قال: الأخذ على المعاصي[136]
    4 ـ وعن أبي جعفر(عليه السلام) : إنّ العبد ليذنب الذنب فيُزوى[137138]
    5 ـ وعن أبي عبد الله(عليه السلام) : إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نُكتة[139140]
    وبعد أن عرفت آثار الذنوب وتبعاتها، فاعلم إنّ الله تعالى أقرّ طرقاً لمحو آثارها وإزالة تبعاتها ، فالله تعالى لا تضرّه معصية من عصاه ، وهو غنيّ عن عذابهم، لذا سبقت رحمته غضبه ، فمن آثار رحمته أنّه وضع أسباباً لمحو تبعات هذه الذنوب والتجاوز عنها بعفوه ، منها الاستغفار والتوبة والإنابة إليه ، ومنها تعظيم نبيّه(صلى الله عليه وآله)والتقرّب إليه وإلى أهل بيته أئمّة الهدى(عليهم السلام) . وأفضل الطرق للتقرّب إلى نبيّ الله وأهل بيته(عليهم السلام) هو البكاء وإسالة الدموع لمصابهم .
    ومن المؤكّد أنّ النبيّ وأهل بيته(عليهم السلام) هم من ارتضى الله شفاعتهم يوم القيامة بصريح القرآن والسنّة ، فهم سفينة النجاة التي من تمسّك بها نجا ، والتمسّك بهم ليس مقيّداً بأزمنتهم حتّى إذا ما ماتوا حرمت الأجيال القادمة من هذه النجاة ، فهم وسيلة النجاة إلى يوم القيامة ، وهم الشفعاء المرضيّون عند ربّهم، يشفعون لمن ارتضى الله ، وينقذون المذنبين من تبعات ذنوبهم ، وإلاّ ما معنى "من تمسّك بهم نجا" ؟
    فمن مشيئته تعالى أن جعل البكاء على أهل البيت(عليهم السلام)، وخصوصاً الإمام الحسين(عليه السلام)، من أهمّ أسباب غفران الذنوب . وهذا ما أقرّته تلك الصحيحة حيث أخبر الإمام الصادق(عليه السلام) بأنّ الله يغفر ذنوب من بكى لما جرى من المصائب على الإمام الحسين(عليه السلام) .
    فله(عليه السلام) مصائب وأيّة مصائب ; العطش، الجوع، الأسر، السبي، قتل الأطفال، انتهاك الحرمات، القتل الشنيع، التمثيل بالأجساد وسلبها وتركها عارية للسباع تنهشها وما إلى ذلك من مصائب .
    مصائب لا تمرّ على صاحب قلب سليم إلاّ أمرضته ، فهي مصائب تُقرح الجفون وتُذبل الأجساد .

    صحيحة فُضَيل بن يَسَار
    روى أحمد بن محمّد بن خالد البرقي في المحاسن عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عُمَير، عن فُضَيل بن يَسَار، عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال:
    مَن ذُكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه ولو كان مثل زبد البحر .[141]
    رواها العلاّمة المجلسي، والحرّ العاملي، والمحدّث النوري[142]
    وقد وقع في هذا السند أربعة رجال، ونتعرّض لتوثيق كلّ واحد منهم رجالياً.
    وثاقة أحمد بن محمّد بن خالد البرقي
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الجواد(عليه السلام) بعنوان "أحمد بن أبي عبد الله البرقي" ، واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام) بنفس العنوان [143]
    أورده النجاشي في رجاله، وذكر أنّه كان ثقةً في نفسه، يروي عن الضعفاء، واعتمد المراسيل[144]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وصرّح بأنّ أصله كوفىّ ، وكان جدّه محمّد بن علي حبسه يوسف بن عمر والي العراق بعد قتل زيد بن علي بن الحسين(عليه السلام) ، ثمّ قتله ، وكان خالد صغير السنّ ، فهرب مع أبيه عبد الرحمن إلى برقة قمّ فأقاموا بها ، وكان ثقةً في نفسه ، غير أنّه أكثر الرواية من الضعفاء واعتمد المراسيل ، وصنّف كتباً كثيرة[145]
    وقال ابن الغضائري في رجاله : "أحمد بن محمّد بن خالد بن محمّد بن علي البرقي : يُكنّى أبا جعفر ، طعن عليه القمّيّون ، وليس الطعن فيه، إنّما الطعن فيمن يروي عنه ; فإنّه لا يبالي عمّن يأخذ ، على طريقة أهل الأخبار ، وكان أحمد بن محمّد بن عيسى أبعده عن قمّ ثمّ أعاده إليها واعتذر إليه"[146]
    وثاقة يعقوب بن يزيد الأنباري
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "يعقوب بن يزيد الكاتب" ، واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام)[147]
    وذكر الكشّي أنّه كان كاتباً لأبي دُلَف القاسم[148]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "يعقوب بن يزيد بن حمّاد الأنباري السُّلَمي: أبو يوسف... وكان ثقة ، صدوقاً"[149]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "يعقوب بن يزيد الكاتب الأنباري : كثير الرواية ، ثقة"[150]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "يعقوب بن يزيد الكاتب ، يزيد أبوه ، ثقتان ".
    واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام) قائلاً : "يعقوب بن يزيد الكاتب: ثقة"[151]
    وثاقة محمّد بن أبي عُمَير
    وعدّه البرقي في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن أبي عُمَير ، الأزدي"[152]
    وذكر الكشّي مدحه وفضله ، ونقل أنّ ابن أبي عُمَير اُخذ وحُبس واُخذ كلّ شيء كان له ، وذهبت كتبه، فلم يخلّص كتب أحاديثه ، فكان يحفظ أربعين مجلّداً، فسمّاه نوادر ، فلذلك توجد أحاديث منقطعة الأسانيد[153]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "محمّد بن أبي عُمَير زياد بن عيسى : أبو أحمد ، الأزدي ، من موالي المُهلّب بن أبي صفرة ، وقيل : مولى بني اُميّة ، والأوّل أصحّ ، بغداديّ الأصل والمقام ، لقي أبا الحسن موسى(عليه السلام) وسمع منه أحاديث ، كنّاه في بعضها فقال : يا أبا أحمد ، وروى عن الرضا(عليه السلام) ، جليل القدر ، وعظيم المنزلة فينا وعند المخالفين"[154]
    ذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن أبي عُمَير : يُكنّى أبا أحمد ، من موالي الأزد ، واسم أبي عُمَير زياد ، وكان من أوثق الناس عند الخاصّة والعامّة"[155]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن أبي عُمَير : يُكنّى أبا أحمد ، واسم أبي عُمَير زياد ، مولى الأزد ، ثقة"[156]
    وثاقة فُضَيل بن يَسَار
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "الفُضَيل بن يَسَار النَّهديّ أبو القاسم ، عربي بصري، صميم، ثقة، روى عن أبي جعفر وأبي عبد الله(عليهما السلام)"[157]
    وذكره الشيخ في رجاله تارة في أصحاب الباقر(عليه السلام) قائلاً: "فُضَيل بن يَسَار: بصري، ثقة ".
    واُخرى في أصحاب الصادق(عليه السلام) مع وصفه بالنَّهدي[158]
    فتحصّل من هذا: أنّ جميع رجال هذا الحديث من الثقات، وعليه يكون الحديث صحيحاً أعلائياً.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لابن أبي عُمَير الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا رجال النجاشي وفهرست الشيخ نجد أنّهما ذكرا في جملة كتب ابن أبي عُمير كتاب النوادر[159]
    وفي سند هذه الرواية نجد أنّ أحمد بن محمّد بن خالد البرقي روى عن يعقوب بن يزيد عن أبي أبي عُمَير، ومعنى ذلك أنّ هذه الرواية كانت مذكورة في كتاب ابن أبي عُمَير.
    وبالجملة : أنّ الفُضَيل بن يَسَار الذي كان يسكن البصرة سافر إلى الحجّ ودخل المدينة، وسمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام)، وبعد ذلك سمع ابن أبي عُمَير منه هذا الحديث، فذكره في كتابه النوادر، وبعد ذلك قام يزيد بن يعقوب بتحمّل الكتاب من ابن أبي عُمَير، فصارت عنده نسخة من هذا الكتاب، ولمّا سافر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي إلى بغداد تحمّل كتاب نوادر ابن أبي عُمَير من يعقوب بن يزيد ونقله إلى قمّ، وأخرج هذا الحديث منه وذكره في كتابه المحاسن.
    فتبيّن من هذا: أنّ رواية فُضَيل بن يَسَار من الروايات الصحيحة رجالياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية كان في غاية الاعتبار.





    صحيحة بَكر بن محمّد

    ولهذه الرواية سندان:
    السند الأوّل: روى الحِميَري في قرب الإسناد عن أحمد بن إسحاق، عن بَكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله(عليه السلام).
    السند الثاني: روى الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن إسحاق، عن بَكر بن محمّد الأزدي .
    ونصّ الرواية : روى بَكر بن محمّد أنّه سأله أبو عبد الله(عليه السلام) : تجلسون وتحدّثون؟ قال: نعم جُعلت فداك، قال(عليه السلام):
    إنّ تلك المجالس اُحبّها، فأحيوا أمرنا يا فُضَيل، فرحم الله من أحيا أمرنا، يا فُضَيل، مَن ذَكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب، غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر[160]
    ذكرها ابن إدريس الحلّي، والعلاّمة المجلسي، والحرّ العاملي[161]
    ونبدأ بتحقيق وبحث الحديث بسنديه، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد الحِميَري عن أحمد بن إسحاق، عن بَكر بن محمّد الأزدي، ونتعرّض لوثاقة رجال السند .
    وثاقة عبد الله بن جعفر الحِميَري
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب العسكري(عليه السلام) قائلاً : "عبد الله بن جعفر الحِميَري الذي سمعتُ منه بالفتح"[162]
    قال الكشّي : "قال نصر بن الصبّاح : أبو العبّاس الحِميَري، اسمه عبد الله بن جعفر ، كان اُستاذ أبي الحسن"[163]
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "عبد الله بن جعفر بن الحسين بن مالك بن جامع ، الحِميَري ، أبو العبّاس ، القمّي : شيخ القمّيّين ووجههم ، قدم الكوفة سنة نيّف وتسعين ومئتين ، وسمع أهلها منه فأكثروا ، وصنّف كتباً كثيرة"[164]
    وذكره الشيخ الطوسي في فهرسته قائلاً : "عبد الله بن جعفر الحِميَري القمّي ، يُكنّى أبا العبّاس ، ثقة ، له كتب ".[165]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الهادي(عليه السلام) بعنوان "عبد الله بن جعفر الحِميَري" ، واُخرى في أصحاب العسكري(عليه السلام) قائلاً : "عبد الله بن جعفر الحِميَري ، قمّي ، ثقة"[166]
    وثاقة أحمد بن إسحاق القمّي
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً: "أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري القمّي"[167]
    وأورده النجاشي في رجاله، وذكر أنّه كان وافد القمّيّين، وروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن(عليهما السلام)، وكان من خاصّة أبي محمّد(عليه السلام)[168]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وذكر أنّه كان شيخ القمّيّين ووافدهم[169]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الجواد، واُخرى في أصحاب العسكري(عليهما السلام)قائلاً: "أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري: قمّي، ثقة"[170]
    وثاقة بَكر بن محمّد الأزدي
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) ، واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام)[171]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "بَكر بن محمّد بن عبد الرحمن بن نعيم الأزدي الغامدي : أبو محمّد ، وجهٌ في هذه الطائفة ، من بيت جليل بالكوفة"[172]
    وذكره الشيخ في فهرسته[173]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "بَكر بن محمّد : أبو محمّد الأزدي الكوفي، عربي ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "بَكر بن محمّد الأزدي : له كتاب ".
    وثالثةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "بَكر بن محمّد الأزدي : له كتاب ، من أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام) ".
    ورابعةً فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "بَكر بن محمّد الأزدي : روى عنه العبّاس بن معروف"[174]
    وذكر الكشّي أنّه كان خيّراً فاضلا ، وأنّ بَكر بن محمّد الأزدي كان ابن أخى سَدير ، وذلك لرواية رواها بالإسناد عن ابن أبي عُمَير ، عن بَكر بن محمّد ، قائلاً : "حدّثني عمّي سَدير"[175]
    ولذلك ذهب ابن داود والعلاّمة إلى أنّ المُسمّى ببكر بن محمّد اثنان ، أحدهما : بَكر بن محمّد بن العبد، كان ثقة ، وثانيهما : بَكر بن محمّد الأزدي ، ابن أخي سَدير الصيرفي[176]
    وأكّد المحقّق الأردبيلي إلى وقوع تصحيف في نسخة رجال الكشّي في سند الرواية التي رواها الكشّي ، حيث ذكر عن رجال الكشّي : عن بَكر بن محمّد ، قال : "حدّثني عمّي سَدير" ، ولكنّ الصحيح هو "حدّثني عمّي شديد"[177]
    ويؤيّده ما ذهب النجاشي إليه من أنّ عمومة بَكر بن محمّد : شديد وعبد السلام ، وعليه فبكر بن محمّد واحد وهو ثقة[178]
    فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ هذا الحديث بسنده الأوّل صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية
    ذُكرت في كتاب بَكر بن محمّد الأزدي الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا رجال النجاشي نجد أنّه ذكر لبكر بن محمّد الأزدي كتاباً، وكان هذا الكتاب مشهوراً معتمداً، حيث قام عدّة من قدماء أصحابنا بروايته.
    ثمّ إنّ النجاشي يذكر طريقه إلى كتاب بَكر بن محمّد، عن ابن شاذان القزويني، عن أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أحمد بن إسحاق القمّي، عن بَكر بن محمّد[179]
    ونجد في السند الأوّل لهذا الحديث أنّ الحِميَري روى عن أحمد بن إسحاق، عن بَكر بن محمّد، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على أنّ هذا الحديث إنّما ذُكر في كتاب بَكر بن محمّد. والظاهر أنّ بَكر بن محمّد الأزدي سافر إلى المدينة والتقى بالإمام الصادق(عليه السلام)، وسمع كلام الإمام(عليه السلام)، ولمّا رجع إلى الكوفة كتب هذا الحديث في كتابه، ولمّا سافر أحمد بن إسحاق القمّي إلى الكوفة وسمع هذا الكتاب من بَكر بن محمّد نقله إلى مدينة قمّ.
    ثمّ إنّ الحِميَري قام بتحمّل كتاب بَكر بن محمّد عن إسحاق بن محمّد، ولمّا أراد أن يكتب كتابه قرب الإسناد أخذ هذا الحديث من كتاب بَكر بن محمّد وذكره في كتابه.
    وكيف كان، فإنّ الحديث كان في أصله كوفياً، وبعد ذلك صار قميّاً، فإنّ أحمد بن إسحاق والحِميَري قمّييان.
    فتحصّل من هذا: أنّ كتاب بَكر بن محمّد كان عند الحِميَري، وأنّه قد تحمّل هذا الكتاب من طريق صحيح.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن إسحاق القمّي، عن بَكر بن محمّد الأزدي، عن أبي عبد الله(عليه السلام).
    وقد تعرّضنا لوثاقة الشيخ الصدوق، وأحمد بن إسحاق، وبَكر بن محمّد، والآن نتعرّض لوثاقة بقيّة رجال السند .
    وثاقة ابن الوليد القمّي
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد : أبو جعفر ، شيخ القمّيّين وفقيههم ومتقدّمهم ووجههم ، ويقال : إنّه نزيل قمّ وما كان أصله منها ، ثقة ثقة ، عين ، مسكون إليه"[180]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن الحسن بن الوليد القمّي : جليل القدر ، عارف بالرجال ، موثوق به"[181]
    وذكره في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد القمّي : جليل القدر ، بصير بالفقه ، ثقة ، يروي عن الصفّار وسعد ، وروى عنه التلّعُكبَري ، وذكر أنّه لم يلقه ، لكن وردت عليه إجازته على يد صاحبه جعفر بن الحسين المؤمن بجميع رواياته ، أخبرنا عنه أبو الحسين بن أبي جِيد بجميع رواياته"[182]
    وذكره العلاّمة في خلاصة الأقوال[183184]
    وثاقة محمّد بن الحسن الصفّار
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "محمّد بن الحسن بن فَرّوخ : الصفّار ، مولى عيسى بن موسى بن طلحة بن عُبَيد الله بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري : أبو جعفر ، الأعرج ، كان وجهاً في أصحابنا القمّيّين ، ثقة ، عظيم القدر ، راجحاً ، قليل السقط في الرواية ، له كتب"[185]
    وذكره الشيخ في فهرسته ، بعنوان "محمّد بن الحسن الصفّار : قمّي"[186]
    وذكره في رجاله في أصحاب العسكري(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن الحسن الصفّار : له إليه مسائل ، يُلقّب ممولة"[187]
    فتبيّن من هذا: أنّ الحديث بسنده الثاني أيضاً صحيح أعلائي.
    والظاهر أنّ السند الثاني للحديث في الواقع طريق آخر إلى كتاب بَكر بن محمّد الذي بسطنا الكلام فيه، ففي الواقع أنّ محمّد بن الحسن الصفّار تحمّل كتاب بَكر بن محمّد عن أحمد بن إسحاق، كما أنّ ابن الوليد سمع هذا الكتاب من الصفّار، وأنّه وصل كتاب بَكر بن محمّد إلى الشيخ الصدوق بطريق صحيح، وطريق اُستاذه ابن الوليد، عن الصفّار، عن أحمد بن إسحاق، عن بَكر بن محمّد.
    فالشيخ الصدوق لمّا أراد أن يكتب ثواب الأعمال أخذ هذا الحديث من كتاب بَكر بن محمّد وذكره في كتابه.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: صحّة هذا الرواية رجالياً وفهرستياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية كان في غاية الاعتبار.




    صحيحة محمّد بن مسلم
    ولهذه الرواية ثلاثة أسانيد:
    السند الأوّل: روى الشيخ الصدوق عن ابن المتوكّل، عن الحِميَري، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رَزِين، عن محمّد بن مسلم.
    السند الثاني: روى ابن قُولَوَيه عن الحكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسن بن علي، عن العلاء بن رَزِين، عن محمّد بن مسلم.
    السند الثالث: روى ابن قُولَوَيه عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رَزِين، عن محمّد بن مسلم.
    ونصّ الرواية : روى محمّد بن مسلم عن أبي جعفر(عليه السلام)، أنّه قال:
    كان علي بن الحسين(عليهما السلام) يقول: أيُّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعةً حتّى تسيل على خدّه، بوّأه الله بها في الجنّة غُرَفاً يسكنها أحقاباً، وأيُّما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتّى يسيل على خدّه لأذىً مسّنا مِن عدوّنا في الدنيا، بوّأه الله مُبوّأ صدق في الجنّة، وأيُّما مؤمن مسّه أذىً فينا فدمعت عيناه حتّى يسيل دمعه على خدّيه من مَضاضة[188189]
    ولم يُذكر في السند الثالث ذيل الحديث.
    ورواها السيّد ابن طاووس مرسلاً، وذكرها العلاّمة المجلسي، والحرّ العاملي، والشيخ الحويزي[190]
    ونبدأ بتحقيق وبحث الحديث بأسانيده الثلاثة، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن ابن المتوكّل، عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رَزِين، عن محمّد بن مسلم.
    وقد سبق البحث في وثاقة الشيخ الصدوق والحِميَري، والآن نتعرّض لوثاقة بقيّة رجال السند .
    وثاقة محمّد بن موسى المتوكّل
    ذكره الشيخ الطوسي في رجاله قائلاً: "محمّد بن موسى بن المتوكّل: روى عن عبد الله بن جعفر الحِميَري، روى عنه ابن بابَوَيه"[191]
    ووثّقه ابن داود في رجاله قائلاً: "محمّد بن موسى المتوكّل: ثقة"[192]
    وكذا العلاّمة في خلاصة الأقوال[193]
    وترحّم عليه الشيخ الصدوق في أكثر من 120 موضعاً[194]
    ولقد أكثر الشيخ الصدوق الرواية عنه، فنجد أنّه روى في مشيخة كتاب الفقيه أكثر من أربعين موضعاً عن هذا الشيخ[195]
    وقال السيّد ابن طاووس عند ذكر رواية في طريقها محمّد بن موسى المتوكّل: "ورواة الحديث ثقاة بالاتّفاق"[196]
    ووثّقه السيّد الخوئي عند تعرّضه لطريق الشيخ الصدوق إلى إسماعيل بن مهران، قائلاً: "والطريق صحيح، فإنّ محمّد بن موسى المتوكّل ثقة بالاتّفاق"[197]
    وثاقة الحسن بن محبوب
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام)، تارةً مع وصفه بالسرّاد ، واُخرى مع وصفه بالزرّاد[198]
    ومدحه الكشّي ، وعدّه ممّن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم[199]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "الحسن بن محبوب السرّاد، ويقال له : الزرّاد ، ويُكنّى أبا علي ، مولى بَجِيلة ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) ، وروى عن ستّين رجلا من أصحاب أبي عبد الله(عليه السلام) ، ويعدّ في الأركان الأربعة في عصره"[200]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام)، واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام)قائلاً : "الحسن بن محبوب السرّاد : مولىً لبَجِيلة ، كوفيّ ، ثقة"[201]
    وثاقة العلاء بن رَزِين
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "العلاء بن رَزين : مولىً ، كوفيّ"[202]
    أورده النجاشي في رجاله مع وصفه بالقلاّء. وذكر أنّه صحب محمّد بن مسلم وتفقّه عليه، وكان ثقةً وجهاً[203]
    ووثّقه الشيخ في فهرسته، وذكر أنّه كان جليل القدر[204]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "العلاء بن رَزين القَلاّء : مولى ثقيف ، كوفيّ"[205]
    وثاقة محمّد بن مسلم الثقفي
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الباقر(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن مسلم الثقفي : طائفيّ ".
    واُخرى في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن مسلم بن رَبَاح ، ثمّ الثقفي الطائفي ، ثمّ انتقل إلى الكوفة ، عربيّ ، والعامّة تروي عنه وكان منّا ، وأنس الراوي يروي عنه"[206]
    وعدّه الكشّي ممّن اجتمعت العصابة على تصديقهم والانقياد لهم بالفقه[207]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "محمّد بن مسلم بن رَبَاح : أبو جعفر ، الأوقص ، الطحّان ، مولى ثقيف الأعور ، وجه أصحابنا بالكوفة ، فقيه ، ورع ، صحب أبا جعفر وأبا عبد الله(عليهما السلام) وروى عنهما ، وكان من أوثق الناس"[208]
    وذكره الشيخ في رجاله تارةً في أصحاب الباقر(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان : طائفي ، وكان أعور ".
    واُخرى في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن مسلم بن رَبَاح الثقفي : أبو جعفر ، الطحّان ، الأعور ، اُسند عنه ، قصير ، دحداح[209]
    وثالثةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن مسلم الطحّان : لقي أبا عبد الله(عليه السلام)"[210]
    ولا يخفى عليك أنّه ليس لعبد الله بن محمّد بن عيسى (الذي كان مشهوراً ببنان) توثيق صريح، وهذا لا يضرّ بصحّة الحديث ; لأنّ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري (الذي كان ثقةً جليلاً) روى هذه الرواية أيضاً في هذه الطبقة.
    فتحصّل ممّا ذكرنا: أنّ هذا الحديث صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب العلاء بن رَزِين القلاّء الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا رجال النجاشي وفهرست الشيخ نجد أنّهما ذكرا أنّ لعلاء بن رَزِين كتاباً وروى هذا الكتاب الحسن بن محبوب[211]
    وقد قال الشيخ الطوسي في فهرسته عند ذكر كتب الحسن بن محبوب: "له كتاب، وهو أربع نسخ، منها رواية الحسن بن محبوب"[212]
    ثمّ إنّ الشيخ روى كتاب العلاء بن رَزِين من طريق الشيخ المفيد، عن الشيخ الصدوق، عن والده وابن الوليد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رَزِين[213]
    وقد روى النجاشي كتاب العلاء بن رَزِين بالإسناد عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رَزِين[214]
    وهذا إن دلّ على شيء دلّ على أنّ هذه الرواية إنّما ذُكرت في كتاب العلاء بن رَزِين.
    فالعلاء بن رَزِين سمع هذا الحديث من محمّد بن مسلم فأدرجه في كتابه، ثمّ قام الحسن بن محبوب بتحمّل كتاب العلاء بن رَزِين واستنسخه.
    وهذه النسخة نسخة كوفية ; لأنّ الحسن بن محبوب كان كوفياً، ولمّا وصل الأمر إلى أحمد بن محمّد بن عيسى ، خرج من مدينة قمّ لطلب الحديث، فدخل الكوفة فسمع كتاب العلاء من الحسن بن محبوب، ونقله إلى مدينة قمّ، فوصل الكتاب إلى مدرسة قمّ من طريق أحمد بن محمّد بن عيسى.
    والظاهر أنّ عبد الله بن محمّد بن عيسى الذي كان مشهوراً ببنان ـ أيضاً ـ سافر إلى الكوفة ونقل الكتاب إلى مدينة قمّ، وبعد ذلك قام الحِميَري بتحمّل كتاب العلاء من أحمد بن محمّد بن عيسى، كما أنّ ابن المتوكّل تحمّله من الحِميَري، ونقل ابن المتوكّل كتاب العلاء للشيخ الصدوق.
    فقد يكون في الواقع أنّ كتاب العلاء بن رَزِين كان عند الشيخ الصدوق، وأنّه لمّا أراد أن يكتب كتابه ثواب الأعمال أخذ هذا الحديث من كتاب العلاء وذكره في كتابه.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: صحّة هذه الرواية بسندها الأوّل رجالياً وفهرستياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان في غاية الاعتبار.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن الحكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسن بن علي، عن العلاء بن رَزِين، عن محمّد بن مسلم.
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه، والعلاء، ومحمّد بن مسلم، والآن نتعرّض لبقيّة رجال السند ، فنقول :
    أمّا الحكيم بن داود، فليس له توثيق صريح في كتب الرجال، إلاّ أنّه من مشايخ ابن قُولَوَيه، وبناءً على وثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه فهو بالنتيجة ثقة[215]
    أمّا سَلَمة بن الخطّاب البَرَاوِستاني[216217218219]
    وأمّا الحسن بن علي الوشّاء، فقد ذكر النجاشي أنّه كان من وجوه هذه الطائفة[220]
    والحاصل من هذا: أنّ الرواية مصحّحة بحكيم بن داود.
    كما أنّ السند الثاني للحديث طريق آخر إلى كتاب العلاء بن رَزِين، فإنّ الحسن بن الوشّاء الكوفي روى كتاب العلاء، كما أنّ سَلَمة بن الخطّاب نقل هذا الكتاب، وتحمّله حكيم بن داود عنه، ونقله لابن داود.
    تحقيق السند الثالث
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن الحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه[221]
    ولكن ليس للحسن بن عبد الله بن محمّد بن عيسى الأشعري توثيق صريح، نعم إنّه كان من مشايخ ابن قُولَوَيه، وإذا قلنا بوثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه فهو ثقة، وإلاّ فلا.[222]
    وأيضاً قد سبق أنّه ليس لعبد الله بن محمّد بن عيسى (الذي كان مشهوراً ببنان) توثيق صريح، فيما صرّح ابن داود في رجاله بأنّه مهمل[223]
    والظاهر أنّ هذا السند طريق آخر إلى كتاب العلاء بن رَزِين، فإنّ عبد الله بن محمّد بن عيسى سافر إلى الكوفة وسمع كتاب العلاء من الحسن بن محبوب ونقله إلى قمّ، ثمّ قام ابنه الحسن بنقل هذا الكتاب من والده عبد الله بن محمّد بن عيسى، وبعد ذلك سمع ابن قُولَوَيه منه كتاب العلاء بن رَزِين.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ هذه الرواية صحيحة بسندها الأوّل، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه كان في غاية الاعتبار.





    صحيحة معاوية بن وهب
    روى الشيخ الطوسي في أماليه عن الشيخ المفيد، عن ابن قُولَوَيه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي محمّد الأنصاري، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله(عليه السلام):
    كلّ الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين(عليه السلام)[224]
    رواها العلاّمة المجلسي، والحرّ العاملي[225]
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه، ووالده، وسعد بن عبد الله، والحسن بن محبوب، والآن نتعرّض لوثاقة بقيّة رجال السند .
    وثاقة الشيخ الطوسي
    ذكره النجاشي في رجاله، وصرّح بأنّه كان جليلاً في أصحابنا، ثقة، عين[226]
    وهو رئيس الطائفة، جليل القدر، عظيم الشأن، ولقد أجاد ابن داود حين قال: "أوضح من أن يوضّح حاله"[227]
    وثاقة الشيخ المفيد
    أورده النجاشي في رجاله بعنوان "محمّد بن محمّد بن النعمان" وذكر أنّ فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والثقة والعلم[228]
    وذكره الشيخ الطوسي في فهرسته قائلاً: "انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان مقدّماً في العلم وصناعة الكلام"[229]
    وثاقة أبي محمّد الأنصاري
    أورده النجاشي في رجاله بعنوان "عبد الله بن حمّاد الأنصاري"، وذكر أنّه كان من شيوخ أصحابنا[230]
    وذكره الشيخ في فهرسته[231]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) بعنوان "عبد الله بن إبراهيم"[232]
    ثمّ لا يخفى عليك أنّ تعبير النجاشي في وصفه بأنهّ كان من شيوخ أصحابنا، يدلّ على وثاقته ; لأنّ أصحابنا القدماء كانوا يستعملون هذا التعبير فيمن يكون مستغنياً عن التوثيق لشهرته، وإيماءً إلى أنّ التوثيق دون مرتبته ومنزلته[233]
    وثاقة معاوية بن وهب
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "معاوية بن وهب البَجَلي : كوفي ، عربي ، وكان معاوية يُكنّى أبا القاسم"[234]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "معاوية بن وهب البَجَلي : أبو الحسن ، عربي ، صميمي ، ثقة ، حسن الطريقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن(عليهما السلام)"[235]
    وذكره الشيخ في فهرسته[236]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "معاوية بن وهب البَجَلي الكوفي : أبو الحسن"[237]
    والحاصل من هذا: أنّ رجال هذا السند كلّهم من الثقات، فالحديث صحيح أعلائي.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر للحسن بن محبوب الذي كان من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا إلى ترجمة الحسن بن محبوب في فهرست الشيخ نجد أنّه ذكر للحسن بن محبوب كتاب النوادر، كما ويُستفاد من كلام الشيخ الطوسي أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى روى كتب الحسن بن محبوب[238]
    وكيف كان، فإنّ أبا محمّد الأنصاري سمع هذا الحديث من معاوية بن وهب ونقله للحسن بن محبوب، ولمّا أراد الحسن بن محبوب أن يكتب كتابه النوادر ذكر هذا الحديث في كتابه، ولمّا سافر أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري إلى الكوفة لطلب الحديث، لقي الحسن بن محبوب وتحمّل نوادره ونقله إلى قمّ، وبعد ذلك تحمّل سعد بن عبد الله هذا الكتاب من أحمد بن محمّد بن عيسى، كما أنّ محمّد بن قُولَوَيه سمع الكتاب من سعد ونقله لابنه جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه، ثمّ سمع الشيخ المفيد هذا الكتاب من أستاذه جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه ونقله للشيخ الطوسي.
    وبالجملة: أنّه كان عند الشيخ الطوسي نسخة من كتاب النوادر للحسن بن محبوب بطريق صحيح، وأنّه نقل هذا الحديث الشريف من ذلك الكتاب.


    تتميم الفصل الثاني
    ذكرنا أحاديث صحيحة في فضل البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) ، والآن نتعرّض لبيان الأحاديث المصحّحة التي وردت في هذا المجال تتميماً للفائدة.
    ومرادنا من الرواية المصحّحة: هي الرواية التي لم يكن لبعض رواتها توثيق خاصّ في الكتب الرجالية، ولكن نثبت توثيقها من التوثيقات العامّة.
    ومرادنا من التوثيق الخاصّ: هو التوثيق الوارد في حقّ شخص من دون أن تكون هناك ضابطة خاصّة تعمّه وغيره، وبإزائه التوثيقات العامّة; والمراد منها توثيق جماعة من الرواة تحت ضابطة معيّنة .
    وبما أنّنا أثبتنا توثيق بعض رجال الأسانيد مستدلّين بأنّهم كانوا من مشايخ ابن قُولَوَيه ومشايخ ابن أبي عُمَير، فلا بدّ لنا من تمهيد مقالين في هذه الجهة:
    التمهيد الأوّل: مشايخ ابن قُولَوَيه
    اشتهر بين أصحابنا وثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه الذين روى هو عنهم بلا واسطة، والأصل في ذلك ما ذكره ابن قُولَوَيه في مقدّمة كتابه كامل الزيارات، حيث قال: "وأنا مبيّن لك ـ أطال الله بقاءك ـ ما أثاب الله به الزائر لنبيّه وأهل بيته صلوات الله عليهم أجمعين ، بالآثار الواردة عنهم ... لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته ، ولا أخرجتُ فيه حديثاً روي عن الشذّاذ من الرجال"[239]
    فيقع الكلام في بيان مراد ابن قُولَوَيه من قوله: "ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا "، في قولين :
    القول الأوّل : وثاقة جميع من وقع في الأسانيد : ذهب الشيخ الحرّ إلى أنّ ظاهر كلام ابن قُولَوَيه هو توثيق كلّ مَن ذُكر في أسانيد كتابه ، بل كونهم من المشهورين بالحديث والعلم[240]
    كما أنّ السيّد الخوئيّ وافق الشيخ الحرّ، فحكم بوثاقة كلّ من وقع في أسانيد كامل الزيارات ، وحكم في معجمه بوثاقة من ذُكر في طريق ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات ، إلاّ أن يُبتلى بمعارض[241]
    وإن ثبت دلالة كلام ابن قُولَوَيه في مقدّمة كامل الزيارات بوثاقة مَن وقع في أسانيد هذا الكتاب ، فقد ثبت وثاقة أكثر من 380 راو . وقد بنى على هذا المبنى السيّد الخوئي في معجمه ، وصرّح به في مواضع عديدة من كتابه ، لكنّه عدل عن هذا المبنى في أواخر عمره الشريف .
    ولا يمكن البناء على إطلاق هذا القول ، فإنّ ابن قُولَوَيه روى عن مثل عمرو بن شمر الجُعفي الذي أجمع أصحابنا القدماء على تضعيفه[242]
    القول الثاني : وثاقة خاصّة مشايخ ابن قُولَوَيه : استظهر المحدّث النوري في مستدركه أنّه نصّ على توثيق كلّ من صدر بهم سند أحاديث كتابه ، لا كلّ من ورد في إسناد الروايات ، وصرّح بهذا الأمر في موضعين ، فقال أوّلا : "إنّ المهمّ في ترجمة هذا الشيخ العظيم استقصاء مشايخه في هذا الكتاب الشريف ، فإنّ فيه فائدة عظيمة لم تكن فيمن قدّمنا من مشايخ الأجلّة ، فإنّه قال في أوّل الكتاب ـ بعد نقل عبارة ابن قُولَوَيه ـ : فتراهُ نصّ على توثيق كلّ من روى عنه فيه ، بل كونه من المشهورين في الحديث والعلم ، ولا فرق في التوثيق بين النصّ على أحد بخصوصه أو توثيق جمع محصور بعنوان خاصّ ، وكفى بمثل هذا الشيخ مزكّياً ومعدّلا"[243]
    وقال ثانياً عند البحث عن وثاقة محمّد بن جعفر الرزّاز: "ويشير إلى وثاقته، بل يدلّ عليها كونه من مشايخ الشيخ جعفر بن قُولَوَيه ، وقد أكثر مِن الرواية عنه في كامله، مع تصريحه في أوّله بأنّه لا يروي إلاّ عن ثقات مشايخه"[244]
    والذي يقتضيه التحقيق هو القول الثاني، وبناءً على هذا القول أثبتنا صحّة الروايات التي سنذكرها في المقام.
    التمهيد الثاني: مشايخ ابن أبي عُمَير
    اشتهر بين أصحابنا أنّ محمّد بن أبي عُمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البَزَنطي، لا يروون ولا يرسلون إلاّ عن ثقة، وعليه فيترتّب على هذا أمر مهمّ، وهو أنّ كلّ من روى عنه هؤلاء فهو محكوم بالوثاقة، وهذه نتيجة رجالية تترتّب على هذه القاعدة.
    والأصل في ذلك ما ذكره الشيخ في عدّة الاُصول، حيث قال: "وإذا كان أحد الراويين مسنداً والآخر مرسلاً، نُظر في حال المرسل، فإن كان ممّن يُعلم أنّه لا يرسل إلاّ عن ثقة موثوق به، فلا ترجيح لخبر غيره على خبره، ولأجل ذلك سوّت الطائفة بين ما يرويه محمّد بن أبي عُمير وصفوان بن يحيى وأحمد بن محمّد بن أبي نصر، وغيرهم من الثقات الذين عُرفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلاّ عمّن يوثق به، وبين ما أسنده غيرهم، ولذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفردوا عن رواية غيرهم.
    فأمّا إذا لم يكن كذلك ويكون ممّن يرسل عن ثقة وعن غير ثقة، فإنّه يقدّم
    خبر غيره عليه، وإذا انفرد وجب التوقّف في خبره إلى أن يدلّ دليل على
    وجوب العمل به"[245]
    والحاصل من هذا: أنّ الشيخ الطوسي اطّلع على نظرية مجموعة كبيرة من علماء الطائفة وفقهائهم في مورد توثيق جميع مشايخ ابن أبي عُمير وصفوان والبَزَنطي، وفي الواقع الشيخ يحكي اطّلاعه على عدد كبير من العلماء، يزكّون عامّة هؤلاء المشايخ الثلاثة، ولأجل ذلك يسوّون بين مراسيلهم ومسانيدهم.
    هذا والنجاشي صرّح بأنّ قدماء أصحابنا كانوا يسكنون إلى مراسيل ابن عُمير، وإليك نصّ كلامه: "روي أنّه حبسه المأمون حتّى ولاّه قضاء بعض البلاد، وقيل: إنّ اُخته دفنت كتبه في حال استتاره وكونه في الحبس أربع سنين، فهلكت الكتب، وقيل: بل تركتها في غرفة فسال عليها المطر فهلكت، فحدّث من حفظه وممّا كان سلف له في أيدي الناس، فلهذا أصحابنا يسكنون إلى مراسيله"[246]
    فالنجاشي وافق الشيخ الطوسي في هذا التوثيق العامّ في خصوص محمّد بن أبي عُمير، وكان يعتقد أنّ قدماء أصحابنا كانوا يعتقدون توثيق جميع مشايخ ابن أبي عُمير، ولأجل ذلك يعتمدون على مراسيله.
    إذا عرفت هذا فنذكر الروايات التي قمنا بتصحيحها على ضوء ما بيّناه من وثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه ومشايخ ابن أبي عُمَير، وهي : مصحّحة أبي بصير، ومصحّحة هارون بن خارجة، ومصحّحة ابن فضّال، ومصحّحة عبد الله بن غالب.
    وإليك تفصيل الكلام في تحقيق هذه المصحّحات الأربعة:


    المصححة الاُولى: مصحّحة ابن فضّال
    روى الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا(عليه السلام) وعلل الشرائع و الأمالي، عن أحمد بن الحسن القطّان ومحمّد بن بكران النقّاش ومحمّد بن إبراهيم بن إسحاق المُكَتِّب، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أبيه، عن الرضا(عليه السلام)، قال:
    مَن ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة، ومَن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه، جعل الله عزّ وجلّ يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرّت بنا في الجنان عينه، ومن سمّى يوم عاشوراء يوم بركة وادّخر فيه لمنزله شيئاً، لم يُبارَك له فيما ادّخر، وحُشر يوم القيامة مع يزيد وعُبيد الله بن زياد وعمر بن سعد ـ لعنهم الله ـ إلى أسفل درك من النار[247]
    رواها الفتّال النيشابوري، وابن شهر آشوب، والسيّد ابن طاووس، والحرّ العاملي ، والعلاّمة المجلسي[248]
    وروى الشيخ الصدوق هذه الرواية عن ثلاثة من مشايخه:
    1 ـ أحمد بن الحسن القطّان، المعروف بابن عبد ربّه الرازي[249]
    2 ـ محمّد بن بَكران النقّاش[250]
    3 ـ محمّد بن إبراهيم بن إسحاق المُكَتِّب الطالقاني[251]
    وكلّ واحد من هؤلاء من مشايخ الإجازة، ولم يوثّقوا صريحاً في كتب الرجال، ومع ذلك يمكن تصحيح هذه الرواية.
    وبيان ذلك: إنّ السيّد الخوئي في بحث كراهية إتيان الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها، قد ذكر الرواية التي رواها الشيخ الصدوق في كمال الدين عن محمّد بن أحمد الشيباني وعلي بن أحمد بن محمّد الدقّاق والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدّب وعلي بن عبد الله الورّاق، وقال : "إنّ هذه الرواية وإن لم تكن صحيحة على الاصطلاح ; لعدم توثيق كلّ واحد من مشايخة الذين قد أطبقوا على نقل الرواية، إلاّ أنّ رواية كلّ من مشايخه الأربعة الرواية التي رواها الآخر، تستتبع تعاضد بعضها ببعض، وقد رواها في كمال الدين عن محمّد بن أحمد السنائي وعلي بن أحمد بن محمّد الدقّاق والحسين بن إبراهيم المؤدّب وعلي بن عبد الله الورّاق، ورجّحها على الرواية الناهية. ومن البعيد جدّاً أن تكون رواياتهم مخالفة للواقع بأجمعها بأن يكذّب جميعهم"[252]
    فيستفاد من كلام السيّد الخوئي أنّه إذا نقل جمع من مشايخ الصدوق رواية فلنا الاعتماد عليها.
    ثمّ إنّا نجد في المقام أنّ ثلاثة من مشايخ الصدوق قد رووا هذه الرواية، ولذلك نحن نطمئنّ إلى هذا الطريق، فإنّه من البعيد جدّاً ـ كما قال السيّد الخوئي ـ أن يكذّب جمعهم، وسيأتي بيان أكثر في تحليلنا الفهرستي.
    والآن نتعرّض لوثاقة بقيّة رجال السند .
    وثاقة أحمد بن محمّد بن سعيد
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبد الله بن زياد بن عَجلان، مولى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس السَّبيعي الهمداني: هذا رجل جليل في أصحاب الحديث، مشهور بالحفظ، والحكايات تختلف عنه في الحفظ وعظمه، وكان كوفياً زيدياً جارودياً على ذلك حتّى مات، وذكره أصحابنا; لاختلاطه بهم ومداخلته إيّاهم وعظم محلّه وثقته وأمانته"[253]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن بن زياد بن عبيد الله بن زياد بن عَجلان، مولى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس السَّبيعي الهمداني، المعروف بابن عُقدة الحافظ ، أخبرنا بنسبه أحمد بن عبدون، عن محمّد بن أحمد بن الجُنَيد. وأمره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يُذكر، وكان زيدياً جارودياً وعلى ذلك مات، وإنّما ذكرناه في جملة أصحابنا; لكثرة رواياته عنهم وخلطته بهم وتصنيفه لهم"[254]
    وذكره في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً: "أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن زياد بن عبد الله بن عَجلان، مولى عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمداني السَّبيعي الكوفي ، المعروف بابن عُقدة، يُكنّى أبا العبّاس، جليل القدر، عظيم المنزلة، له تصانيف كثيرة، ذكرناها في كتاب الفهرست، وكان زيدياً جارودياً، إلاّ أنّه روى جميع كتب أصحابنا، وصنّف لهم وذكر اُصولهم، وكان حفظة، سمعت جماعة يحكون أنّه قال: أحفظُ مئة وعشرين ألف حديث بأسانيدها، وأذاكر بثلاثمئة ألف حديث"[255]
    كما أنّ العلاّمة وابن داود تعرّضا لشرح حاله ووثّقاه[256]
    وثاقة علي بن الحسن بن فضّال
    ذكر الكشّي أنّه كان من جملة فقهاء أصحابنا، وكان من الفطحيّة[257]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "علي بن الحسن بن علي بن فضّال بن عمر بن أيمن مولى عِكرِمة بن ربعي الفيّاض: أبو الحسن، كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث، والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئاً كثيراً[258259]
    ذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "علي بن الحسن بن فضّال : فطحىّ المذهب ، ثقة ، كوفىّ ، كثير العلم ، واسع الرواية والأخبار ، جيّد التصانيف ، غير معاند ،
    وكان قريب الأمر إلى أصحابنا الإماميّة القائلين بالاثني عشر ، وكتبه في الفقه مستوفاة في الأخبار، حسنة"[260]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الهادي(عليه السلام) بعنوان "علي بن الحسن بن فضّال" ، واُخرى في أصحاب العسكري(عليه السلام) مع وصفه بالكوفي[261]
    وذكره العلاّمة في الخلاصة وابن داود في رجاله، وذكرا أنّه كان وجه أصحابنا بالكوفة وفقيههم[262]
    وثاقة الحسن بن علي بن فضّال
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام)[263]
    ومدحه الكشّي وعدّه ممّن أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عنهم[264]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "الحسن بن علي بن فضّال، كوفي، يُكنّى أبا محمّد بن عمر بن أيمن، مولى تيم الله، لم يذكره أبو عمرو الكشّي في رجال أبي الحسن الأوّل... وكان مصلاّه بالكوفة في الجامع عند الاُسطُوانة التي يقال لها السابعة، ويقال لها اُسطوانة إبراهيم(عليه السلام)، وكان يجتمع هو وأبو محمّد الحجّال وعلي بن أسباط، وكان الحجّال يدّعي الكلام، وكان من أجدل الناس، فكان ابن فضّال يغري بيني وبينه في الكلام في المعرفة، وكان يجيبني جواباً سديداً. وكان الحسن عمره كلّه فطحياً، مشهوراً بذلك حتّى حضره الموت، فمات وقد قال بالحقّ رضي الله عنه"[265]
    ذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "الحسن بن علي بن فضّال : كان فطحيّاً يقول بإمامة عبد الله بن جعفر ، ثمّ رجع إلى إمامة أبي الحسن(عليه السلام) عند موته ، ومات سنة أربع وعشرين ومئتين ، وهو ابن التيملي بن ربيعة بن بَكر ، مولى تيم الله بن ثعلبة ، روى عن الرضا(عليه السلام) وكان خصّيصاً به ، كان جليل القدر ، عظيم المنزلة ، زاهداً ، ورعاً ، ثقة في الحديث وفي رواياته"[266]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "الحسن بن علي بن فضّال : مولىً لتيم الرباب ، كوفىّ ، ثقة"[267]
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة التي تحمّلها المشايخ، ولذلك نتعرّض لبيان منهج قدمائنا في تقييم هذا الحديث الشريف، فنقول:
    إنّ هذه الرواية ذُكرت في الكتاب الذي اشتهر بين أصحابنا بنسخة عن الرضا(عليه السلام) لعلي بن الحسن بن علي بن فضّال. وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا رجال النجاشي نجد أنّه قال في ترجمة علي بن الحسن بن علي بن فضّال: "وذكر أحمد بن الحسين رحمه الله أنّه رأى نسخة أخرجها أبو جعفر بن بابَوَيه، وقال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن الرضا(عليه السلام)، ولا يعرف الكوفيّون هذه النسخة، ولا رويت من غير هذا الطريق"[268]
    فيُستفاد من كلام النجاشي :
    1 ـ إنّ ابن الغضائري رأى كتاباً جمع فيه أحاديث عن الإمام الرضا(عليه السلام).
    2 ـ إنّ هذه النسخة كانت في الأصل لعلي بن الحسن بن علي بن فضّال.
    3 ـ إنّ الشيخ الصدوق عندما سافر إلى بغداد سمع علماء الإمامية هذه النسخة منه، والظاهر أنّ هذا السفر كان بعد منصرفه من الحجّ سنة ( 355 هـ )، وسمع منه شيوخ الطائفة[269]
    4 ـ إنّ الشيخ الصدوق نقل لشيوخ الطائفة هذه النسخة التي رواها عن جملة من مشايخه، عن ابن عُقدة الهمداني، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه.
    5 ـ إنّه ليس لعلمائنا البغداديّين طريق إلى هذه النسخة، وإنّهم لا يعرفونها أساساً.
    6 ـ إنّ شيوخ الطائفة عجبوا من هذا الطريق; لأنّهم كانوا يعتقدون أنّ الحسن بن علي بن فضّال لم يروِ عن أبيه إلاّ بواسطة أخويه، فيما وجدوا في هذا الطريق أنّه روى عن أبيه.
    فإنّك إذا نظرت إلى سند الحديث تجد أنّ الشيخ الصدوق روى عن الطالقاني وغيره، عن ابن عُقدة، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، وهذا الطريق هو نفس الطريق الذي أشار إليه النجاشي في رجاله.
    فتبيّن من هذا: أنّ النسخة التي جمع فيها الحسن بن علي بن فضّال مجموعة من أحاديث الإمام الرضا(عليه السلام) كانت موجودة عند الشيخ الصدوق، فنقل منها هذا الحديث.
    ونشير إلى بعض المواضع التي نقل فيها الشيخ الصدوق عن هذه النسخة في تراثنا الحديثي:
    1 ـ روى في أماليه عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، عن ابن عُقدة، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن الإمام الرضا(عليه السلام)[270]
    2 ـ وروى في الخصال بنفس الإسناد عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: للإمام علامات، يكون أعلم الناس[271]
    ولا يخفى عليك أنّه قال في الفقيه: وروى أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي... إلى آخر الرواية[272]
    3 ـ وروى في علل الشرائع بنفس الإسناد عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه قال: إنّما سُمّي اُولو العزم اُولي العزم ; لأنّهم كانوا أصحاب العزائم[273]
    4 ـ روى بنفس الإسناد عن الإمام الرضا(عليه السلام) أنّه سأل الرضا(عليه السلام): لِمَ كُنّي النبيّ(صلى الله عليه وآله)بأبي القاسم؟ فقال(عليه السلام): لأنّه كان له ابن يقال له قاسم[274]
    5 ـ كذلك بنفس الإسناد عن الإمام الرضا(عليه السلام)، قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء ، قضى الله له حوائج الدنيا والآخرة[275]
    6 ـ روى في معاني الأخبار بنفس الإسناد عن الإمام الرضا(عليه السلام) في قول الله : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)[276277]
    7 ـ كذلك روى بنفس الإسناد عن الإمام الرضا(عليه السلام) في قول الله : (هُوَ الَّذِى يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَ طَمَعًا)[278279]
    وكيف كان، فهذه النسخة تلقّت بالقبول عند الشيخ الصدوق.
    ثمّ إنّا نجد أنّ الشيخ الطوسي نقل في مورد بإسناده عن أحمد بن محمّد بن
    سعيد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه، عن الإمام الرضا[280]
    ويذكر في المشيخة طريقه إلى أحمد بن محمّد بن سعيد هكذا: "وما ذكرته عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد، فقد أخبرني به أحمد بن محمّد بن موسى، عن أبي العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد"[281]
    والمراد من أحمد بن محمّد بن موسى: هو ابن الصَّلت الأهوازي، وهو ثقة ; لأنّه كان من مشايخ النجاشي[282]
    بقي شيء: إنّ النجاشي في رجاله عند ترجمة علي بن الحسن بن علي بن فضّال قال: "ولم يروِ عن أبيه شيئاً، وقال: كنت أقابله وسنّي ثمان عشرة سنة بكتبه، ولا أفهم إذ ذاك الروايات ولا أستحلّ أن أرويها عنه. وروى عن أخويه، عن أبيهما"[283]
    ولكن في طريق الشيخ الصدوق إلى نسخة عن الرضا(عليه السلام) لابن فضّال، روى علي بن الحسن بن علي بن فضّال عن أبيه، وهذا لا يلائم مع ما ذكره النجاشي، فكيف التوفيق بين كلام النجاشي والطريق الذي ذكره الشيخ الصدوق؟
    قال السيّد الخوئي: "فلا مناصّ من الالتزام إمّا بعدم صحّة ما ذكره النجاشي، أو بعدم صحّة هذه الروايات".
    ثمّ قال: "أو يقال: إنّ علي بن الحسن بن علي بن فضّال لعدم فهمه الروايات لم يروِ عن أبيه فيما يرجع إلى الحلال والحرام، وأمّا روايته عنه فيما يرجع إلى اُمور اُخر كالزيارات وما يلحق بها، فلا مانع عنها، والفرق بينهما أنّ الروايات فيما يرجع إلى الحلال والحرام تُبتلى بالمعارضات والمخصّصات والمقيّدات ونحو ذلك، فلا بدّ في فهمها من قوّة واستعداد. وأمّا ما يرجع إلى الزيارات، فيكفي في فهمها أن يكون للإنسان ثماني عشرة سنة"[284]
    والحاصل من هذا: أنّ علي بن الحسن بن علي بن فضّال روى هذه النسخة عن أبيه، وسمع ابن عُقدة هذه النسخة. نعم، أنّ محمّد بن بَكران النقّاش القمّي لمّا سافر إلى الكوفة لطلب الحديث تحمّل هذه النسخة ونقلها إلى قمّ، فصارت النسخة قمّية، كما أنّ ثلاثة اُخر من مشايخ الشيخ الصدوق تحمّلوا هذه النسخة من ابن عُقدة، وتحمّل منهم الشيخ الصدوق.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ رواية ابن فضّال من الروايات المصحّحة رجالياً على ما حقّقناه، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية هو من المصادر المعتبرة عند مدرسة الحديث في قمّ


    المصححة الثانية: مصحّحة هارون بن خارجة
    روى هارون بن خارجة رواية في المقام، ولهذه الرواية سندان:
    السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن مُسكان، عن هارون بن خارجة.
    السند الثاني: روى ابن قُولَوَيه عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن الحسين الخزّاز، عن هارون بن خارجة.
    ونصّ الرواية : ذكر هارون بن خارجة :
    إنّا كنا عند أبي عبد الله(عليه السلام) فذكرنا الحسين بن علي(عليه السلام) وعلى قاتله لعنة الله، فبكى أبو عبد الله(عليه السلام) وبكينا.
    ثمّ رفع رأسه(عليه السلام) فقال: قال الحسين بن عليّ: أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى، قُتلت مكروباً، وحقيق علَيَّ أن لا يأتيني مكروب إلاّ ردّه الله وأقبله إلى أهله مسروراً[285]
    رواها العلاّمة المجلسي، والمحدّث النوري[286]
    وقال العلاّمة المجلسي: "قوله "قتيل العبرة"; أي قتيل منسوب إلى العبرة والبكاء وسبب لها، أو أقتل مع العبرة والحزن وشدّة الحال، والأوّل أظهر"[287]
    ونبدأ بتحقيق وبحث الحديث بسنديه، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن مُسكان، عن هارون بن خارجة.
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه وأحمد بن محمّد بن خالد، والآن نتعرّض لوثاقة بقيّة رجال السند .
    وثاقة علي بن الحسين السعد آبادي
    ذكره الشيخ الطوسي في رجاله قائلاً: "علي بن الحسين السعد آبادي: روى عنه الشيخ الكليني، وروى عنه الزُّرَاري، وكان معلّمه"[288]
    وبالجملة: ليس له توثيق صريح في كتب الرجال، ولكنّه من مشايخ ابن قُولَوَيه، وقد سبق الكلام في تحقيق وبحث وثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه، وعليه فالرجل ثقة.
    وثاقة محمّد بن خالد البرقي
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "محمّد بن خالد البرقي" ، وفي أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "أبو عبد الله محمّد بن خالد البرقي : قمّي ".
    وفي أصحاب الجواد(عليه السلام) بنفس العنوان[289]
    أورده النجاشي في رجاله بعنوان "محمّد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمّد بن علي البرقي الأشعري" ، وذكر أنّه كان ضعيفاً في الحديث[290]
    وذكره الشيخ في فهرسته[291]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "محمّد بن خالد البرقي" ، واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام)قائلاً : "محمّد بن خالد البرقي : ثقة ، هؤلاء من أصحاب أبي الحسن موسى(عليه السلام) ".
    وثالثةً في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن خالد البرقي : من أصحاب موسى بن جعفر والرضا(عليهما السلام)"[292]
    وثاقة عبد الله بن مُسكان
    عدّه البرقي في رجاله من أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "عبد الله بن مُسكان : من موالي عنزة"[293]
    وعدّه الكشّي ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم[294]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً: "عبد الله بن مُسكان : أبو محمّد ، مولى عنزة ، ثقة ، عين ، روى عن أبي الحسن موسى(عليه السلام)"[295]
    وذكره الشيخ في فهرسته ووثّقه[296]
    وذكره في رجاله من أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "عبد الله بن مُسكان : مولى عنزة"[297]
    وثاقة هارون بن خارجة
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "هارون بن خارجة : أخو مراد ، كوفيّ"[298]
    أورده النجاشي في رجاله ووثّقه ، وصرّح بأنّ كتبه تختلف الرواة[299]
    وذكره الشيخ في فهرسته[300]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "هارون بن خارجة الصيرفي : مولىً ، كوفيّ ، أبو الحسن ، وأخوه مراد الصيرفي ، وابنه الحسن"[301]
    والحاصل من هذا: أنّ رجال السند من الذين صُرّح بوثاقتهم، إلاّ علي بن الحسين السعد آبادي، فإنّا ذهبنا إلى وثاقته لكونه من مشايخ ابن قُولَوَيه، وعليه فالرواية مصحّحة.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن الحسين الخزّاز، عن هارون بن خارجة.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في حال أبان بن عثمان بن محمّد بن الحسين الخزّاز.
    وثاقة أبان بن عثمان الأحمر
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان "أبان بن عثمان الأحمر"[302]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً : "أبان بن عثمان البَجَلي : مولاهم ، أصله كوفيّ، كان يسكنها تارةً والبصرة تارةً ، وقد أخذ عنه أهلها... روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن موسى(عليهما السلام)"[303]
    وذكره الشيخ في فهرسته[304]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام)[305]
    هذا وقد عدّه الكشّي فيمن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، وذكر أنّه كان من أهل البصرة، وكان يسكن الكوفة، وكان من الناووسيّة[306]
    والناووسية: أتباع رجل يقال له ناووس، وقيل : نُسبوا إلى قرية ناووسا، وذهبوا
    إلى أنّ الإمام الصادق حيّ بعد ولن يموت حتّى يظهر أمره، وهو القائم المهدي[307]
    ولذلك ذهب العلاّمة في خلاصة الأقوال إلى أنّ أبان بن عثمان كان فاسد المذهب، وصرّح بأنّ الأقرب عنده هو قبول رواية أبان بن عثمان; للإجماع الذي ذكره الكشّي[308]
    وأفاد ابن داود في رجاله: "إنّ أبان كان ناووسياً، فهو بالضعفاء أجدر، لكنّه ذكرته هنا لثناء الكشّي عليه وإحالته على الإجماع المذكور"[309]
    هذا، وذكر السيّد الخوئي أنّه ذُكر في بعض نسخ الكشّي "كان من القادسيّة" بدل "كان من الناووسيّة" ، ثمّ قال : "الظاهر أنّ الصحيح هو الأخير ، وقد حُرّف وكُتب : وكان من الناووسيّة"[310]
    ويشهد لذلك شهادة النجاشي والشيخ على أنّ أبان روى عن أبي الحسن(عليه السلام) ، ومع هذه الروايات ـ التي روى أبان عنه(عليه السلام) ـ كيف يمكن قبول نسبة أبان إلى الناووسيّة الذين وقفوا على أبي عبد الله(عليه السلام) ولم يقبلوا إمامة مَن بعده؟
    وأمّا محمّد بن الحسين الخزّاز، فليس له توثيق صريح، وعليه فالرواية بسندها الثاني لا يمكن الاعتماد عليها.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب النوادر لمحمّد بن خالد البرقي الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    فلو راجعنا فهرست الشيخ نجد أنّه ذكر أنّ لمحمّد بن خالد البرقي كتاب النوادر، ورواه بالإسناد الأوّل عن أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن محمّد بن خالد جميعاً، عنه[311]
    ومراد الشيخ الطوسي من الإسناد الأوّل: عدّة من أصحابنا ، عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وأحمد بن محمّد بن خالد.
    كما أنّ النجاشي روى كتب محمّد بن خالد من طريق ابن نوح، عن الحسن بن حمزة الطبري، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن خالد البرقي[312]
    ونجد في هذه الرواية أنّه روى ابن قُولَوَيه بالإسناد عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي وأحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدلّ على أنّ هذه الرواية إنّما ذُكرت في كتاب النوادر لمحمّد بن خالد البرقي.
    والظاهر أنّ محمّد بن خالد سمع هذا الحديث عن عبد الله بن مُسكان وأبان بن عثمان، وذكره في كتابه النوادر، ثمّ وصل هذا الكتاب إلى ابن قُولَوَيه بطريق اُستاذه علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، وبطريق ابن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى.
    فيبدو أنّه كان عند ابن قُولَوَيه نسختان من كتاب النوادر لمحمّد بن خالد البرقي، وهما نسخة أحمد الأشعري، ونسخة أحمد البرقي.
    والحاصل من هذا: أنّ كتاب النوادر لمحمّد بن خالد البرقي كان عند ابن قُولَوَيه، وأنّه قد تحمّل هذا الكتاب بطريقين معتبرين.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ رواية هارون بن خارجة من الروايات المصحّحة، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية كان في غاية الاعتبار.


    المصححة الثالثة: مصحّحة أبي بصير
    نقل أبو بصير رواية ذُكر فيها أنّه ما من مؤمن يذكر الحسين(عليه السلام) إلاّ واستعبر، ولهذه الرواية ثلاثة أسانيد:
    السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن الحكم بن مِسكين الثقفي، عن أبي بصير.
    السند الثاني: روى الشيخ الصدوق في أماليه عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحكم بن مِسكين الثقفي، عن أبي بصير.
    السند الثالث: روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن إسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير.
    ونصّ الرواية : عن أبي بصير، عن الإمام الصادق(عليه السلام)، عن آبائه(عليهم السلام)، عن الإمام الحسين(عليه السلام) أنّه قال:
    أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلاّ استعبر[313]
    ونبدأ بتحقيق هذه الرواية بأسانيدها الثلاث، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحكم بن مِسكين الثقفي، عن أبي بصير.
    وليس لمحمّد بن جعفر الرزّاز توثيق صريح في كتب الرجال، ولكنّه من مشايخ ابن قُولَوَيه، وقد سبق الكلام في تحقيق وبحث وثاقة مشايخ ابن قُولَوَيه، وعليه فالرجل ثقة، وبقي الكلام في محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب والحكم بن مِسكين.
    وثاقة محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب
    ذكره النجاشي في رجاله قائلاً: "محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب : أبو جعفر ، الزيّات ، الهمداني ، ـ واسم أبي الخطّاب زيد ـ ، جليل ، من أصحابنا ، عظيم القدر ، كثير الرواية ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته"[314]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب : كوفىّ ، ثقة"[315]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب : كوفىّ ، ثقة ".
    واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزيّات ، الكوفي : ثقة ، من أصحاب أبي جعفر الثاني(عليه السلام) ".
    وثالثةً في أصحاب العسكري(عليه السلام) قائلاً : "محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب : كوفىّ ، زيّات"[316]
    وثاقة الحكم بن مِسكين الثقفي
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان "حكم بن مِسكين المكفوف : مولى ثقيف"[317]
    وأورده النجاشي في رجاله[318319]
    في أصحاب الصادق(عليه السلام)[320]
    وبالجملة : ليس للحكم بن مِسكين توثيق صريح في كتب الرجال، ولكنّه من مشايخ ابن أبي عُمَير، وقد سبق الكلام في تحقيق وبحث وثاقة مشايخ ابن أبي عُمَير، وعليه فالرجل ثقة[321]
    وأمّا أبو بصير، فقد ذكرنا أنّه في هذه الطبقة مشترك بين رجلين ثقتين لا ثالث لهما، وهما: ليث بن البَختَري، ويحيى بن القاسم.
    وأمّا ليث بن البَختَري المرادي، فقد عدّه الكشّي من أصحاب الإجماع[322323]
    وأمّا يحيى بن القاسم الأسدي، فلقد وثّقه النجاشي[324]
    وكيف كان، فالرواية مصحّحة بمحمّد بن جعفر الرزّاز والحكم بن مِسكين.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الصدوق عن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحكم بن مِسكين الثقفي، عن أبي بصير.
    وقد سبق البحث في وثاقة رجال السند، وبقي الكلام في حال الحسين بن أحمد بن إدريس وأبيه.
    وثاقة الحسين بن أحمد بن إدريس
    ذكره الشيخ في رجاله مرّتين فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام)، تارة قائلاً: "الحسين بن أحمد بن إدريس القمّي الأشعري، يُكنّى أبا عبد الله، وروى عنه التلّعُكبري، وله منه إجازة ".
    واُخرى قائلاً: "الحسين بن أحمد بن إدريس: روى عنه محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه"[325]
    وكيف كان، ليس للحسين بن أحمد بن إدريس توثيق صريح في كتب الرجال.
    وثاقة أحمد بن إدريس
    أورده النجاشي في رجاله، وذكر أنّه كان ثقةً فقيهاً في أصحابنا، كثير الحديث، صحيح الرواية[326]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وصرّح بأنّه كان ثقةً صحيح الحديث[327]
    وذكره في رجاله[328]
    والحاصل من هذا: أنّ الرواية بسندها الثاني لا يمكن الاعتماد عليها ; لعدم وثاقة الحسين بن أحمد بن إدريس.
    وقد سبق الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية بسندها الأوّل والثاني ذُكرت في كتاب النوادر لمحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب
    الذي يعد من الكتب المعتمدة عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا فهرست الطوسي في ترجمة محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، نجد أنّه ذكر أنّ له كتاب النوادر[329]
    وكتاب النوادر لمحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب دوّن واُلّف في الكوفة، وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة الحديث في قمّ بواسطة أحمد بن إدريس، كما وقام محمّد بن جعفر الرزّاز أيضاً بتحمّله من مؤلّفه.
    فيبدو أنّ لكتاب محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب نسختين: نسخة ابن إدريس، ونسخة محمّد بن جعفر الرزّاز.
    فوصلت نسخة محمّد بن جعفر الرزّاز إلى ابن قُولَوَيه، ووصلت نسخة أحمد بن إدريس إلى الشيخ الصدوق.
    تحقيق السند الثالث
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن إسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة البطائني، عن أبي بصير.
    وقد سبق توثيق بعض رجال السند، وبقي الكلام في حال الحسن بن موسى الخشّاب، وإسماعيل بن مهران، وعلي بن أبي حمزة.
    وثاقة الحسن بن موسى الخشّاب
    أورده النجاشي في رجاله، وذكر أنّه كان من وجوه أصحابنا ، مشهور ، كثير العلم والحديث[330]
    وذكره الشيخ في فهرسته[331]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب العسكري(عليه السلام) مقتصراً على قوله : "الحسن بن موسى الخشّاب" ، واُخرى فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "الحسن بن موسى الخشّاب : روى عنه الصفّار"[332]
    وثاقة إسماعيل بن مهران السَّكوني
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام) بعنوان "إسماعيل بن مهران"[333]
    وذكر الكشّي أنّه كان تقيّاً ، ثقةً ، خيّراً ، فاضلا[334]
    وأورده النجاشي في رجاله قائلاً : "إسماعيل بن مهران بن أبي نصر ، السَّكوني ، ـ واسم أبي نصر زيد ـ ، مولىً ، كوفىّ ، يُكنّى أبا يعقوب ، ثقة ، معتمد عليه ، روى عن جماعة من أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)"[335]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وذكر أنّه كان ثقة ، معتمد عليه[336]
    وذكره في رجاله في أصحاب الرضا(عليه السلام)[337]
    وثاقة علي بن أبي حمزة البطائني
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "علي بن أبي حمزة البطائني : مولى الأنصار ، كوفىّ ، ـ واسم أبي حمزة سالم ـ ، وكان علي قائد أبي بصير ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "علي بن أبي حمزة البطائني ، الأنصاري ، البغدادي"[338]
    وأورده النجاشي في رجاله، وذكر أنّه كان قائد أبي بصير يحيى بن القاسم ، وأنّه كان أحد عُمد الوقف[339]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وصرّح بأنّه كان واقفىّ المذهب[340]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "علي بن أبي حمزة البطائني : مولى الأنصار ، كوفىّ ".
    واُخرى في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "علي بن أبي حمزة البطائني ، الأنصاري : قائد أبي بصير ، واقفيّ ، له كتاب"[341]
    وبالجملة : ليس له توثيق صريح في كتب الرجال، ولكنّه من مشايخ ابن أبي عُمَير، فإنّ ابن أبي عُمَير روى في مواضع عديدة عنه. وقد سبق البحث في وثاقة مشايخ ابن أبي عُمَير، وعليه فالرجل ثقة[342]
    والظاهر أنّ قدماء أصحابنا قد أخذوا وسمعوا من علي بن أبي حمزة البطائني قبل وقفه وانحرافه.
    وبالجملة: أنّ هذا الحديث بسنده الثالث مصحّح، ونحن نستظهر أنّه كان مذكوراً بسنده الثالث في كتاب النوادر لسعد بن عبد الله الأشعري.
    وبيان ذلك: لو راجعنا رجال النجاشي نجده قد ذكر لسعد بن عبد الله كتاب النوادر، وروى كتب سعد عن طريق الشيخ المفيد وغيره، عن ابن قُولَوَيه (صاحب كامل الزيارات)، عن أبيه، عن سعد، وهو نفس الطريق الموجود في السند الثالث للرواية[343]
    وكيف كان، فسعد بن عبد الله ذكر هذه الرواية في كتابه النوادر، وبعد ذلك قام والد صاحب كامل الزيارات بتحمّل هذا الكتاب وسماعه من مؤلّفه ونقله لولده.
    والحاصل من هذا: أنّ كتاب المزار لسعد كان عند ابن قُولَوَيه وأنّه قام بإخراج الحديث منه.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: أنّ الرواية مصحّحة بسندها الأوّل والثالث، وأنّها كانت مذكورة في مصدرين من المصادر الأوّلية للحديث، وهما: كتاب النوادر لمحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، وكتاب النوادر لسعد بن عبد الله الأشعري.

    المصحّحة الرابعة: مصحّحة عبد الله بن غالب
    روى ابن قُولَوَيه عن محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن ابن أبي عُمَير، عن عبد الله بن حسّان، عن عبد الله بن علي بن شُعبة الحلبي، عن عبد الله بن غالب، قال: دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)فأنشدته مرثية الحسين(عليه السلام)، فلمّا انتهيت إلى هذا الموضع :
    لَبليّةٌ تَسقُو حسيناً بمِسقاةِ/الثَّرى غيرِ التُّرابِ فصاحت باكية من وراء الستر: "وا أبتاه"[344]
    رواها العلاّمة المجلسي، والمحدّث النوري[345]
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، وابن أبي عُمَير، كما أشرنا أنّه ليس لمحمّد بن جعفر الرزّاز توثيق صريح في كتب الرجال، ونحن قد ذهبنا إلى وثاقته; لكونه من مشايخ ابن قُولَوَيه، والآن نتعرّض لوثاقة بقيّة رجال السند .
    وثاقة عبد الله بن حسّان
    ليس له توثيق صريح في كتب الرجال، ولكنّه من مشايخ ابن أبي عُمَير (حيث نجد في هذه الرواية أنّ ابن أبي عُمَير روى عنه)، وقد سبق الكلام في تحقيق وبحث وثاقة مشايخ ابن أبي عُمَير، وعليه فالرجل ثقة.
    وثاقة عُبيد الله بن علي الحلبي
    عدّه البرقي في رجاله ، بعنوان "عُبَيد الله بن علي الحلبي" ، وذكر أنّه كان ثقةً صحيحاً ، وذكر أنّ له كتاباً، وهو أوّل كتاب صنّفه الشيعة[346]
    وأورده النجاشي في رجاله بعنوان "عُبَيد الله بن علي بن أبي شُعبة الحلبي" ، ووثّقه[347]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وذكر أنّ له كتاباً مصنّفّاً معوّلا عليه[348]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "عُبَيد الله بن علي بن أبي شُعبة : الحلبي ، الكوفي ، مولى بني عجل[349]
    وثاقة عبد الله بن غالب الأسدي
    وثّقه النجاشي في رجاله في ترجمة أخيه إسحاق بن غالب[350]
    وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الباقر(عليه السلام) قائلاً: "عبد الله بن غالب الأسدي الذي قال له أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ مَلَكاً يُلقي عليك، وإنّي لأعرف ذلك الملك"[351]
    فالرواية مصحّحة بمحمّد بن جعفر الرزّاز، وعبد الله بن حسّان. والظاهر أنّ هذه المصحّحة كانت مذكورة في كتاب النوادر لمحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب على شرح بيّناه فيما سبق، وأنّ ابن قُولَوَيه إنّما أخذ هذه الرواية من ذلك الكتاب .
    وأخيراً نختم هذا الفصل من الكتاب بذكر بعض الأحاديث التي يبدو أنّ مضمونها قريب من هذه الأحاديث التي ذكرناها:
    الحديث الأوّل: عن أبي يحيى الحذّاء، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: نظر أمير المؤمنين(عليه السلام) إلى الحسين(عليه السلام) فقال: يا عبرة كلّ مؤمن، فقال: أنا يا أبتاه؟ قال: نعم يا بني[352]
    الحديث الثاني: عن أبي عُمَارة المنشد، قال: ما ذكر الحسين(عليه السلام) عند أبي عبد الله(عليه السلام) في يوم قطّ فرُئي أبو عبد الله(عليه السلام)متبسّماً في ذلك اليوم إلى الليل، وكان(عليه السلام)يقول: الحسين(عليه السلام) عبرة كلّ مؤمن[353]
    الحديث الثالث: عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: قال الحسين(عليه السلام) : أنا قتيل العبرة[354]
    الحديث الرابع: عن أبي هارون المكفوف، قال: قال أبو عبد الله(عليه السلام): يا أبا هارون، أنشدني في الحسين(عليه السلام)، فأنشدته فبكى، فقال: أنشدني كما تنشدون، يعني بالرقّة، فأنشدته... فبكى، ثمّ قال: زدني، فأنشدته القصيدة الاُخرى فبكى، وسمعت البكاء من خلف الستر[355]
    الحديث الخامس: عن أبي عُمَارة المنشد، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: قال لي: يا أبا عُمَارة، أنشدني في الحسين(عليه السلام)، فأنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، فوالله ما زلت أنشده ويبكي حتّى سمعت البكاء من الدار[356]
    الحديث السادس: عن أبي هارون المكفوف، قال: دخلت على أبي عبد الله(عليه السلام)، فقال لي: أنشدني، فأنشدته، فقال: لا، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، فأنشدته... فبكى وتهايج النساء[357]











نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى البكاء الحسينى نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن