کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    الفصل الأوّل

      الفصل الأوّل


    هناك روايات عديدة منقولة من مصادر الفريقين تبيّن بصريح العبارة إخبار الله تعالى رسوله(صلى الله عليه وآله) بمقتل ولده الحسين(عليه السلام) على يد أُمّته ، حيث أراد الله أن يشترك نبيّه في الثواب مع من تُذرف دموعه على مصاب الحسين(عليه السلام) فينال ما يرجوه من الكرامة ، كما سنبيّن في فضيلة البكاء عليه .
    وهذا الخبر فطر قلب النبيّ(صلى الله عليه وآله) بحياته ، فأبكاه حيّاً قبل أن يبكيه الناس ميّتاً . ولا نضيف شيئاً لو قلنا : إنّ أوّل الباكين على الحسين(عليه السلام) كان نبيّنا الأكرم(صلى الله عليه وآله) .
    ولسوف نكتفي بذكر روايتين من مجموع الروايات المصرّحة ببكاء النبيّ(صلى الله عليه وآله)على الحسين(عليه السلام) ، ونتعرّض إلى حال رواة كلّ واحدة منهما، وما قال الرجاليون بحقّهم; حتّى يتبيّن لك توثيقهم وجلالة شأنهم.
    كما سنتعرّض لبيان منهج قدمائنا في تقييم الميراث الحديثي، ونشرح ما يتعلّق بتحقيق المصدر الأوّل للحديث ، فنقول :






    صحيحة أبي بصير
    روى ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن
    الحسين بن سعيد الأهوازي، عن النضر بن سُوَيد، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(عليه السلام):
    إنّ جبرئيل(عليه السلام) أتى رسول الله(صلى الله عليه وآله) والحسين(عليه السلام) يلعب بين يدي رسول الله، فأخبره :
    أنّ اُمّته ستقتله، فجزع رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال: ألا اُريك التربة التي يُقتل فيها؟ فخسف ما بين مجلس رسول الله إلى المكان الذي قُتل فيه حتّى التقت القطعتان، فأخذ منها ودُحيت[25]
    وكذلك صنع صاحب سليمان تكلّم باسم الله الأعظم، فخُسف ما بين سرير سليمان وبين العرش من سهولة الأرض وحزونتها[262728]
    ذكرها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار[29]
    وقع في هذا السند تسعة رجال، ونتعرّض لتوثيق كلّ واحد منهم رجالياً.
    وثاقة جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "جعفر بن محمّد بن جعفر بن موسى بن قُولَوَيه : أبو القاسم ، وكان أبوه يُلقّب مسلمة ، من خيار أصحاب سعد ، وكان أبو القاسم من ثقات أصحابنا وأجلاّئهم في الحديث والفقه ، روى عن أبيه وأخيه، عن سعد ... وكلّ ما يوصف به الناس من جميل وثقة وفقه فهو فوقه"[30]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه القمّي : يُكنّى أبا القاسم ، ثقة ، له تصانيف كثيرة على عدد أبواب الفقه"[31]
    وذكره في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "جعفر بن محمّد بن قُولَوَيه : يُكنّى أبا القاسم ، القمّي ، صاحب مصنّفات"[32]
    وثاقة محمّد بن قُولَوَيه
    ذكر النجاشي أنّه يُلقّب مسلمة ، وكان من خيار أصحاب سعد[33]
    وذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "محمّد بن قُولَوَيه الجمّال : والد أبي القاسم جعفر بن محمّد ، يروي عن سعد بن عبد الله وغيره"[34]
    وبما أنّ أصحاب سعد أكثرهم ثقات ، كعليّ بن الحسين بن بابَوَيه والد الصدوق ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، ومحمّد بن يحيى العطّار ; فإن كان محمّد بن قُولَوَيه من خيار أصحاب سعد كما وصفه النجاشي، فكان عداده في هؤلاء أو خيارهم ، وكلا الحُسنيين يدلّ على وثاقته .
    وثاقة سعد بن عبد الله الأشعري
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "سعد بن عبد الله بن أبي خَلَف الأشعري القمّي : أبو القاسم ، شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها"[35]
    ذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "سعد بن عبد الله القمّي : يُكنّى أبا القاسم ، جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ، ثقة"[36]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب العسكري(عليه السلام) قائلاً : "سعد بن عبد الله القمّي : عاصره ولم أعلم أنّه روى عنه ".
    واُخرى فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "سعد بن عبد الله بن أبي خَلَف القمّي : جليل القدر ، صاحب التصانيف"[37]
    وثاقة أحمد بن محمّد بن عيسى
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً : "أحمد بن محمّد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص بن السائب بن مالك بن عامر ، الأشعري ... وأبو جعفر شيخ القمّيّين ووجههم وفقيههم غير مدافع ، وكان أيضاً الرئيس الذي يلقى السلطان بها، ولقي الرضا(عليه السلام) ، وله كتب ، ولقي أبا جعفر الثاني وأبا الحسن العسكري(عليهما السلام)"[38]
    وذكره الشيخ في فهرسته، وصرّح بأنّه كان شيخ قمّ ووجهها وفقيهها غير مدافع[39]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمّي : ثقة ، له كتب ".
    واُخرى في أصحاب الجواد(عليه السلام) قائلاً : "أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري : من أصحاب الرضا(عليه السلام) ".
    وثالثةً في أصحاب الهادي(عليه السلام) قائلاً : "أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري : قمّي[40]
    وثاقة الحسين بن سعيد
    أورده النجاشي في رجاله ضمن ترجمة أخيه الحسن، وذكر أنّ كتب ابني سعيد كتب حسنة معمول عليها[41]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "الحسين بن سعيد بن حمّاد بن سعيد بن مهران الأهوازي ، من موالي علي بن الحسين(عليهما السلام) ، ثقة ، روى عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالث(عليهم السلام) ، وأصله كوفىّ ، وانتقل مع أخيه الحسن إلى الأهواز ، ثمّ تحوّل إلى قمّ، فنزل على الحسن بن أبان ، وتوفّي بقمّ"[42]
    وذكره في رجاله قائلاً: "الحسين بن سعيد بن حمّاد : مولى علي بن الحسين ، صاحب المصنّفات ، الأهوازي ، ثقة"[43]
    وثاقة النضر بن سُوَيد
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) بعنوان "النضر بن سُوَيد"[44]
    أورده النجاشي في رجاله مع وصفه بالصيرفي ، وذكر أنّه كان ثقةً صحيح الحديث[45]
    وذكره الشيخ في فهرسته[46]
    وذكره في رجاله في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "النضر بن سُوَيد : له كتاب ، وهو ثقة"[47]
    وثاقة يحيى بن عمران الحلبي
    أورده النجاشي بعنوان "يحيى بن عمران بن علي بن أبي شُعبة الحلبي" ، ووثّقه مرّتين[48]
    وذكره الشيخ في فهرسته بعنوان "يحيى بن عمران الحلبي"[49]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) بعنوان "يحيى بن عمران الحلبي" ، واُخرى قائلا : "يحيى بن عمران بن علاء : كوفىّ ، كانت تجارتهم إلى حلب فقيل : الحلبي ، له كتاب"[50]
    وثاقة هارون بن خارجة
    عدّه البرقي في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "هارون بن خارجة : أخو مراد ، كوفيّ"[51]
    أورده النجاشي في رجاله ووثّقه ، وصرّح بأنّ كتبه تختلف الرواة[52]
    وذكره الشيخ في فهرسته[53]
    وذكره في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "هارون بن خارجة الصيرفي : مولىً ، كوفيّ ، أبو الحسن ، وأخوه مراد الصيرفي ، وابنه الحسن"[54]
    وثاقة أبي بصير
    مقتضى التحقيق أنّ أبا بصير في هذه الطبقة مشترك بين رجلين ثقتين لا ثالث لهما، وهما: ليث بن البَختَري، ويحيى بن القاسم.
    فأمّا ليث بن البَختَري فقد عدّه الكشّي من أصحاب الإجماع[555657]
    والحاصل من هذا: أنّ جميع رجال هذا الحديث من الثقات، وعليه يكون الحديث صحيحاً أعلائياً.
    وأنت خبير بأنّه إذا كان كلّ واحد من رواة الحديث في كلّ طبقة معلوم الإمامية والعدالة والضبط، يعبّر عنه بالصحيح الأعلائي[58]
    ثمّ إنّا نعتقد أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على المنهج الفهرستي، فهم يعتمدون على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة التي تحمّلها المشايخ.
    وقبل الدخول في البحث لا بدّ لنا من تمهيد مقال في هذا المقام ، فنقول:
    بيان منهج قدماء أصحابنا
    أكّد أئمّتنا المعصومون(عليهم السلام) على كتابة الحديث، وأمروا أصحابهم بتدوينه، قال الإمام الصادق(عليه السلام) للمفضّل بن عمر: اكتب وبثّ علمك في إخوانك، فإن متّ فأورث كتبك بنيك; فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلاّ بكتبهم[59]
    وقال(عليه السلام): اكتبوا ; فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا .
    وأمر بالاحتفاظ بالكتب، حيث قال: احتفظوا بكتبكم; فإنّكم سوف تحتاجون إليها[60]
    وعلى ضوء تأكيد الإمام الصادق(عليه السلام)، ظهر العصر الذهبي لتدوين كتب الحديث عند الشيعة، وأوّل كتاب اُلّف في هذا المجال هو كتاب عبيد الله بن عليّ الحلبي، وحينما عُرض على الإمام الصادق(عليه السلام)، قال: أترى لهؤلاء مثل هذا؟[61]
    فبدأت حركة التدوين لكتب الحديث بصورة واسعة نسبياً، فكتب أبان بن تغلب وأبان بن عثمان وهشام بن الحكم وهشام بن سالم ومحمّد بن مسلم وحَرِيز بن عبد الله السِّجِستاني وأبو حمزة الثُّمالي وعاصم بن حميد وعلاء بن رَزِين وعلي بن رِئاب، وغيرهم.
    والذي ساعد على كثرة تدوين الكتب عند الشيعة في ذلك العصر هو الانبساط في الوضع السياسي الذي حصل في أواخر الخلافة الاُموية ، بعد اشتداد الخلافات والمعارضات السياسية وحتّى المسلّحة ضدّ الدولة الاُموية، فحصلت فرصة نشر الحديث الشيعي. كما أنّ الهدف الأساس للإمام الصادق(عليه السلام) كان تقوية الكيان العلمي للشيعة، فلذلك نجد أنّ أساس المعارف الشيعية بُني في ذلك الزمن، واُلّفت معظم كتب الحديث الشيعية التي اُطلق عليها الاُصول وقتذاك.
    وأمّا أهل السنّة، فقد قاموا بتأليف كتب الحديث بعد مضيّ أكثر من ثلاثين سنة من فترة الازدهار الحديثي الشيعي ، ويعتبر مالك بن أنس المتوفّى سنة ( 179 هـ ) أوّل من دوّن في هذا المضمار، حيث ألّف موطّأه، ودوّن أحمد بن حنبل المتوفّى سنة ( 241 هـ ) مسنده، وألّف البخاري المتوفّى سنة ( 256 هـ ) صحيحه; في حين أنّ الشيعة بدأوا بتدوين كتب الحديث وبشكل واسع نسبياً قبل تلك التواريخ، ويتوضّح لك ذلك حينما تعرف أنّ الإمام الصادق(عليه السلام) استشهد سنة ( 148 هـ ).
    وكان عند الشيعة كتب كثيرة في الحديث ، فأصحابنا القدماء(رحمهم الله) قاموا بتدوين أحاديث الأئمّة المعصومين(عليهم السلام) في القرن الثاني، وكانت الكوفة مركزاً في تأليف كتب الحديث، إذ إنّ أكثر أصحاب الكتب كانوا من أهل الكوفة.
    ثمّ إنّ الغالب في رواية الحديث الشيعي هو الكتابة، بخلاف الحديث السنّي فإنّ الغالب فيه كان الرواية دون الكتابة. فأصحابنا في كلّ طبقة نقلوا هذه الكتب، وفي البدء قاموا بتحمّلها عن مؤلّفيها بعد تأليفها، مثلما نرى أنّ أحمد بن محمّد بن عيسي وإبراهيم بن هاشم سافرا إلى الكوفة وتحمّلا كتب الحديث عن المؤلّفين
    الكبار ـ مثل ابن أبي عُمير والحسين بن سعيد ـ ثمّ قاما بنشرها في قمّ.
    ولذلك حينما بدأ البحث العلمي بين الأصحاب، كان الكلام يرتكز في مدى حجّية هذه الكتب وصحّة طريقها والوثوق من صحّة النسخة والاعتماد على راوي الكتاب. بينما كان البحث العلمي في التراث السنّي يعتمد على الرواة; حيث برزت عملية تأليف الكتب في عهد عمر بن عبد العزيز، وكان تراثهم يعتمد على ذاكرة الأشخاص[62]
    هذا وكانت مباحث علم الحديث عند قدماء أصحابنا ترتكز على محورية الكتب وتقييم نسخها وطرقها، وكانوا يصرّون على أن يكون لهم طريق مطمئنّ إلى كتب الحديث، ولا يعتمدون على الكتب الواصلة إليهم بالوجادة. فهذه الكتب كانت مشهورة بين الأصحاب ولهم طرق متعدّدة إليها، ولكن بعد قيام المشايخ الثلاثة بتأليف الكتب الأربعة، اعتنى أصحابنا بالكتب الأربعة أكثر ولم يهتمّوا بتلك المصادر الأوّلية ذلك الاهتمام.
    ولتوضيح هذا المطلب نذكر عمل القدماء في كتاب الحلبي كمثال، فنقول:
    إنّ قدماء أصحابنا تلقّوا كتابه بالقبول، حيث قام حمّاد بن عثمان نقل هذا الكتاب عن الحلبي، وكان اصطلاح قدمائنا هكذا: "كتاب الحلبي برواية حمّاد"، ومرادهم: "كتاب الحلبي بنسخة حمّاد"، وبعد ذلك قام محمّد بن أبي عُمير وغيره بتحمّل كتاب الحلبي من طريق حمّاد، فنسخة حمّاد لكتاب الحلبي تحمّلها ابن أبي عُمير،[63]
    حمّاد من كتاب الحلبي عن طريق علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمير.
    فتبيّن من هذا: أنّ كتاب الحلبي كان في متناول أصحابنا، وكلّ طبقة تحملها من مشايخها، فالروايات التي ينتهي سندها إلى عبيد الله بن علي الحلبي مأخوذة من هذا الكتاب.
    وبذلك يمكن أن يتبيّن مراد الشيخ الصدوق حين قال في ديباجة الفقيه: "وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المُعوّل وإليها المرجع، مثل كتاب حَرِيز بن عبد الله السِّجِستاني، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي، وكتب علي بن مَهزِيار الأهوازي، وكتب الحسين بن سعيد"[64]
    وكذلك يظهر وجه الحجّية في كلامه بقوله: "ولم أقصد فيه قصد المصنّفين في إيراد جميع ما رووه، بل قصدت إلى إيراد ما أفتي به وأحكم بصحّته وأعتقد فيه أنّه حجّة فيما بيني وبين ربّي"[65]
    فإنّ وجه الحجّية في كلامه هو وثوقه بالمصادر الأوّلية; لشهرة هذه المصادر في عصره.
    ويتّضح ذلك من كلام ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات، حيث قال: "لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته، ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذّاذ من الرجال"[66]
    فإنّ كلامه ليس في توثيق مشايخه ولا توثيق جميع رجال الكتاب ، بل كان مراده هو الوثوق بالمصادر ، بمعنى أنّ هذه المصادر كانت مشهورة ومعروفة بحيث حصل له الوثوق بها ، ولذلك نجد أنّه روى في كامل الزيارات عمّن اشتهر
    بالكذب، مثل عبد الله بن عبد الرحمن الأصمّ البصري[67]
    والظاهر أنّ وجه نقل ابن قُولَوَيه عن الأصمّ البصري إنّما لوجود روايته في كتاب الحسين بن سعيد، ولم يكن اعتماد ابن قُولَوَيه على وثاقة الأصمّ البصري، بل كان اعتماده على وجود هذه الرواية في ذلك الكتاب[68]
    فاعتماد الأصحاب في تقييم التراث الحديثي ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ورود الحديث في كتاب مشهور مع صحّة انتساب الكتاب إلى المؤلّف وتحمّل المشايخ له ووصول الكتاب إليهم بطريق معتبر، ولذلك نجد أنّه ربّما لم يكن الرجل موثّقاً بحسب الاصطلاح، ولكنّ الأصحاب اعتمدوا على كتابه، كما نجد في كتاب طلحة بن زيد، مع أنّه لم يُذكر له توثيق صريح، ولكنّ النجاشي صرّح بأنّ كتابه معتمد[69]
    وليس هناك تلازم بين وثاقة المؤلّف والاعتماد على كتابه; لأنّه ربّما يكون الاعتماد على الكتاب لشواهد خارجية، كما نرى الأصحاب قد اعتمدوا على نسخة النوفلي لكتاب السَّكوني، وليس معنى ذلك ثبوت الوثاقة المصطلحة للنوفلي، بل المراد الاعتماد على النسخة التي رواها النوفلي من كتاب السَّكوني.
    وبالجملة: أنّ كلّ ما رواه النوفلي عن السَّكوني معتبر عند القدماء، بخلاف روايات النوفلي عن غير السَّكوني[70]
    وربّما يكون هناك اختلاف بين نسخ الكتب، فلذلك كانوا يهتمّون بالنسخ كما يهتمّون بالإسناد، وهذا هو مراد النجاشي، حين يكرّر في كلامه: "له كتاب، تختلف الرواية فيه"، وكما في ترجمة الحسن بن صالح الأحول : "له كتاب تختلف روايته"، وترجمة الحسن بن الجهم بن بُكَير : "له كتاب تختلف الروايات فيه"، وترجمة الحسين بن علوان الكُلَيب : "وللحسين كتاب تختلف رواياته"[71]
    وكذلك كلام ابن نوح ناظر إلى هذه الجهة، حين قال: "ولا تُحمل رواية على رواية ولا نسخة على نسخة; لئلاّ يقع فيه اختلاف"[72]
    وبما أنّ معرفة النسخة المعتمدة تحتاج إلى خبرة خاصّة مع قدرة علمية ـ ولا يمكن ذلك بمجرّد العلم بوثاقة الراوي ـ فأصحابنا كانوا يعتمدون على اعتماد المشايخ وتوثيقهم، فلذلك لم تكن الشيخوخة عندهم مساوقة لمجرّد النقل، بل إنّها تساوق الوثاقة والضبط والدقّة والمتانة العلمية، فلذا نجد أنّ ابن نوح ـ في بيان طرقه إلى كتب الحسين بن سعيد ـ وصف الحسين البَزَوفَري بالشيخوخة فقط[73]
    فتحصّل من هذا: أنّ قدماء أصحابنا في مجال تقييم التراث الحديثي، مضافاً إلى الجانب الرجالي، كانوا يهتمّون بالجانب الفهرستي، ويعتمدون على الخبر إذا كان مذكوراً في كتب مشهورة مع تحمّل المشايخ لها.
    لذا يمكن القول: إنّ الشيعة بحثوا عن زاوية اُخرى لتقييم الحديث غير الجانب الرجالي ـ مع شدّة اهتمامهم به ـ ألا وهو الجانب الفهرستي.
    هذا تمام الكلام في منهج قدماء أصحابنا في تقييم الحديث. وإذا عرفت هذا نقول: إنّ صحيحة أبي بصير إنّما ذُكرت في كتاب النضر بن سُوَيد الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند أصحابنا، فإنّا إذا راجعنا فهرست الشيخ نجد أنّه ذكر لنضر بن سُوَيد كتاباً، وذكر أنّه روى الشيخ الصدوق عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد ومحمّد بن خالد البرقي جميعاً، عن النضر بن سُوَيد[74]
    ونجد في هذا السند أنّ سعداً روى عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سُوَيد، ممّا يعني أنّ هذه الرواية مذكورة في كتاب النضر بن سُوَيد.
    والظاهر أنّ أبا بصير سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) في المدينة ونقله إلى الكوفة، فسمع منه هارون بن خارجة، وبدوره سمع نضر بن سُوَيد الكوفي من هارون بن خارجة، وذكره في كتابه.
    ثمّ إنّ الحسين بن سعيد تحمّل كتاب نضر بن سُوَيد في الكوفة، وبعد ذلك تحمّل مشايخ قمّ هذا الكتاب منه، حيث نجد أنّ أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري سمع كتاب النضر بن سُوَيد من الحسين بن سعيد. وبعد ذلك تحمّل سعد بن عبد الله هذا الكتاب، وبدوره والد صاحب كامل الزيارات تحمّل الكتاب من سعد ونقله لولده.
    وكيف كان، فإنّ كتاب النضر بن سُوَيد كان في أصله كوفياً ثمّ صار أهوازياً ; لأنّ الحسين بن سعيد سكن الأهواز، وبعد ذلك صار قمّياً، فإنّ أحمد بن محمّد بن عيسى وسعد بن عبد الله الأشعري ووالد صاحب كامل الزيارات كلّهم قمّيّون.
    والحاصل من هذا: أنّ كتاب النضر بن سُوَيد كان عند ابن قُولَوَيه، وأنّه تحمّله من طريق صحيح، وذكره في كتابه كامل الزيارات.
    فتحصّل من جميع ما ذكرنا: صحّة هذه الرواية رجالياً وفهرستياً، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية كان في غاية الاعتبار.


    صحيحة سالم بن مُكرَم

    روى سالم بن مُكرَم رواية فيها إخبار الله لرسوله(صلى الله عليه وآله) بأنّ الحسين(عليه السلام) يُقتل على يد اُمّته. ولهذه الرواية ثلاثة أسانيد:
    السند الأوّل: روى ابن قُولَوَيه في كامل الزيارات عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم.
    السند الثاني: روى الشيخ الكليني في الكافي عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم.
    السند الثالث: روى الشيخ الكليني عن الحسين بن محمّد، عن مُعلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم.
    ونصّ الرواية : روى سالم بن مُكرَم عن أبي عبد الله(عليه السلام) أنّه قال:
    لمّا حملت فاطمة(عليها السلام) بالحسين(عليه السلام)، جاء جبرئيل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال: إنّ فاطمة ستلد ولداً تقتله اُمّتك من بعدك .
    فلمّا حملت فاطمة الحسين كرهت حمله، وحين وضعته كرهت وضعه.
    ثمّ قال أبو عبد الله(عليه السلام): هل رأيتم في الدنيا اُمّاً تلد غلاماً فتكرهه، ولكنّها كرهته لأنّها علمت أنّه سيُقتل .
    قال: وفيه نزلت هذه الآية : (وَ وَصَّيْنَا الاِْنسَـنَ بِوَ لِدَيْهِ إِحْسَـنًا حَمَلَتْهُ اُمُّهُ كُرْهًا وَ وَضَعَتْهُ كُرْهًا وَ حَمْلُهُ وَ فِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا)[75]
    رواها العلاّمة المجلسي في البحار، والفيض الكاشاني في تفسيره[76]
    ونبدأ بتحقيق وبحث الحديث بسنديه، فنقول:
    تحقيق السند الأوّل
    ذكرنا إسناد ابن قُولَوَيه عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم.
    وقد تعرّضنا لوثاقة ابن قُولَوَيه ووالده وسعد بن عبد الله وأحمد بن محمّد بن عيسى والآن نتكلّم في وثاقة بقيّة رجال السند.
    وثاقة الحسن بن علي الوشّاء
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الكاظم(عليه السلام) قائلاً : "أبو محمّد الحسن بن علي الوشّاء بن زياد : ابن بنت إلياس ".
    واُخرى في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "الحسن بن علي الوشّاء : يُلقّب بربيع[77]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "الحسن بن علي الوشّاء الكوفي : ويقال له : الخزّاز ، ويقال له : ابن بنت إلياس ، له كتاب أخبرنا به عدّة من أصحابنا عن أبي المفضّل ، عن ابن بطّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي الوشّاء"[78]
    وذكره في رجاله تارةً في أصحاب الرضا(عليه السلام) قائلاً : "الحسن بن علي الخزّاز :
    ويُعرف بالوشّاء ، وهو ابن بنت إلياس ، يُكنّى أبا محمّد ، وكان يدّعي أنّه عربىّ كوفىّ ، له كتاب" .
    واُخرى في أصحاب الهادي(عليه السلام) بعنوان "الحسن بن علي الوشّاء"[79]
    وأورده النجاشي في رجاله بعنوان "الحسن بن علي بن زياد الوشّاء" ، وذكر أنّه كان من وجوه هذه الطائفة[80]
    وثاقة أحمد بن عائِذ البَجَلي
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "أحمد بن عائِذ بن حبيب الأحمَسي البَجَلي: مولىً، ثقة، كان صحب أبا خديجة سالم بن مُكرَم وأخذ عنه وعرف به"[81]
    وذكره الشيخ الطوسي في رجاله مع وصفه بالعَبسي الكوفي[82]
    وثاقة أبي خديجة، سالم بن مُكرَم
    عدّه البرقي في رجاله تارةً في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "سالم أبو خديجة : صاحب الغَنَم ، ويُكنّى أيضاً أبا سَلَمة ابن مُكرَم ". واُخرى مقتصراً على قوله : "سالم بن مُكرَم"[83]
    وذكر الكشّي أنّه كان صالحاً[84]
    وأورده النجاشي في رجاله بعنوان "سالم بن مُكرَم بن عبد الله" ، ووثّقه مرّتين[85]
    وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الصادق(عليه السلام) قائلاً : "سالم بن مُكرَم : أبو خديجة ، الجمّال ، الكوفي ، مولى بني أسد"[86]
    فتبيّن من هذا: أنّ جميع رجال السند الأوّل هم من الثقات، وعليه يكون الحديث صحيحاً أعلائياً.
    تحقيق السند الثاني
    ذكرنا إسناد الشيخ الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم.
    وقد تعرّضنا لوثاقة رجال السند، وبقي الكلام في وثاقة الشيخ الكليني ومحمّد بن يحيى .
    وثاقة الشيخ الكليني
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "محمّد بن يعقوب بن إسحاق : أبو جعفر ، الشيخ الكليني ، وكان خاله عَلاّن الكليني الرازي شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم ، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم ، صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكليني يُسمّى الكافي في عشرين سنة"[87]
    وذكره الشيخ في فهرسته قائلاً : "محمّد بن يعقوب الكليني : يُكنّى أبا جعفر ، ثقة ، عارف بالأخبار"[88]
    وذكره في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "محمّد بن يعقوب الكليني : يُكنّى أبا جعفر ، الأعور ، جليل القدر ، عالم بالأخبار ، وله مصنّفات يشتمل عليها الكتاب المعروف بالكافي ، مات سنة تسع وعشرين وثلاثمئة في شعبان ببغداد"[89]
    وثاقة محمّد بن يحيى العطّار
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "محمّد بن يحيى أبو جعفر العطّار، القمّي، شيخ أصحابنا في زمانه، ثقة، عين، كثير الحديث"[90]
    وذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً: "محمّد بن يحيى العطّار: روى عنه الشيخ الكليني، قمّي، كثير الرواية"[91]
    فتبيّن من هذا: أنّ جميع رجال السند الثاني لهذا الحديث من الثقات، وعليه يكون الحديث صحيحاً أعلائياً.
    تحقيق السند الثالث
    ذكرنا إسناد الشيخ الكليني عن الحسين بن محمّد، عن مُعلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم.
    وقد تعرّضنا لتوثيق رجال السند، وبقي الكلام في حال الحسين بن محمّد ومُعلّى بن محمّد .
    وثاقة الحسين بن محمّد الأشعري
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "الحسين بن محمّد بن عمران بن أبي بَكر الأشعري القمّي: أبو عبد الله، ثقة"[92]
    وذكره الشيخ في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام)[93]
    وثاقة مُعلّى بن محمّد البصري
    أورده النجاشي في رجاله قائلاً: "مُعلّى بن محمّدالبصري: أبو الحسن ، مضطرب الحديث والمذهب، وكتبه قريبة"[94]
    وذكره الشيخ في فهرسته[95]
    وذكره في رجاله فيمن لم يروِ عن الأئمّة(عليهم السلام) قائلاً : "المعلّى بن محمّد البصري : روى عنه الحسين بن محمّد"[96]
    وكيف كان، ليس لمُعلّى بن محمّد توثيق صريح، وعليه فالحديث بسنده الثالث ليس صحيحاً بحسب المصطلح.
    ثمّ إنّا قد أسلفنا الكلام في أنّ اعتماد قدمائنا في تقييم الحديث ـ مضافاً إلى وثاقة الراوي ـ كان على ذكر الحديث في الكتب المعتبرة، والآن نقول : إنّ هذه الرواية ذُكرت في كتاب أبي خديجة سالم بن مُكرَم، وهو كتاب معتمد عند أصحابنا.
    وإليك تفصيل الكلام في هذه الجهة:
    فلو راجعنا رجال النجاشي نجد أنّه ذكر لسالم بن مُكرَم كتاباً رواه عن طريق ابن أبي جيد، عن ابن الوليد، عن الحسين بن محمّد، عن مُعلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن سالم بن مُكرَم[97]
    كما أنّ الشيخ الطوسي روى كتاب سالم بن مُكرَم عن طريق جماعة من أصحابنا، عن الشيخ الصدوق، عن أبيه، عن سعد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائِذ، عن سالم بن مُكرَم[98]
    وهذا الطريق يتّحد مع السند الأوّل والثاني للرواية، ومعنى ذلك أنّ هذه الرواية
    إنّما ذُكرت في كتاب سالم بن مُكرَم. وأنّ سالم بن مُكرَم سمع هذا الحديث عن الإمام الصادق(عليه السلام) وذكره في كتابه، ثمّ سمعه أحمد بن عائِذ من اُستاذه سالم بن مُكرَم ونقله للحسن بن علي الوشّاء، ولمّا سافر أحمد بن محمّد بن عيسى إلى الكوفة لطلب الحديث، لقي الوشّاء وسمع كتاب سالم بن مُكرَم منه، ونقله إلى مدينة قمّ، ولذا نعبّر عن هذه النسخة بالنسخة القمّية.
    وبعد ذلك سمع سعد بن عبد الله هذا الكتاب من أحمد بن محمّد بن عيسى ونقله لوالد صاحب كامل الزيارات. وفي الواقع لمّا أراد ابن قُولَوَيه أن يكتب كتابه كان كتاب سالم بن مُكرَم موجوداً عنده، فأخذ الحديث من ذلك الكتاب وذكره في كتابه كامل الزيارات.
    هذا وأنّ محمّد بن يحيى سمع كتاب سالم بن مُكرَم من أحمد بن محمّد بن عيسى، كما أنّ الشيخ الكليني عندما أراد أن يكتب كتابه أخذ هذا الحديث من كتاب سالم بن مُكرَم فأدرجه في كتابه الكافي.
    هذا تمام الكلام في النسخة التي رواها أحمد بن محمّد بن عيسى عن الوشّاء. ولكن هناك نسخة اُخرى من كتاب سالم بن مُكرَم، وهي النسخة التي رواها المُعلّى بن محمّد البصري عن الوشّاء، الذي لقي الوشّاء وروى عنه كتاب سالم بن مُكرَم، ولذا نحن نعبّر عن هذه النسخة بالنسخة البصرية.
    والظاهر أنّ الحسين بن محمّد الأشعري لمّا سافر إلى العراق لقي المُعلّى بن محمّد وتحمّل عنه كتاب سالم بن مُكرَم، وبعد ذلك تحمّل الشيخ الكليني عن الحسين بن محمّد كتاب سالم بن مُكرَم، كما أنّ ابن الوليد أيضاً سمع منه وتحمّل منه هذا الكتاب[99]
    والحاصل من هذا: أنّ كتاب سالم بن مُكرَم كان عند ابن قُولَوَيه والشيخ الكليني، وأنّهما قاما بذكر هذا الحديث من ذلك الكتاب.
    فتبيّن من هذا: أنّ رواية سالم بن مُكرَم من الروايات الصحيحة، كما أنّ المصدر الذي ذُكرت فيه الرواية كان في غاية الاعتبار.
    ونختم هذا الفصل بذكر بعض الأحاديث التي كان مضمونها قريباً من الأحاديث التي ذكرناها آنفاً:
    الحديث الأوّل: عن سعيد بن يَسَار أو غيره، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: لمّا أن هبط جبرئيل(عليه السلام) على رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقتل الحسين(عليه السلام)، أخذ بيد علي فخلا به ملياً من النهار، فغلبتهما العبرة، فلم يتفرّقا حتّى هبط عليهما جبرئيل(عليه السلام) فقال لهما: ربّكما يقرؤكما السلام ويقول: قد عزمتُ عليكما لَمّا صبرتما. قال: فصبرا[100]
    الحديث الثاني: عن أبي أُسامة زيد الشحّام، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: نعى جبرئيلُ(عليه السلام) الحسينَ(عليه السلام) إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)في بيت اُمّ سَلَمة، فدخل عليه الحسين وجبرئيل عنده، فقال: إنّ هذا تقتله اُمّتك، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): أرني من التربة التي يُسفك فيها دمه، فتناول جبرئيل(عليه السلام) قبضة من تلك التربة، فإذا هي تربة حمراء[101]
    الحديث الثالث: عن سالم بن مُكرَم الجمّال، عن أبي عبد الله(عليه السلام)، قال: لمّا وَلَدت فاطمةُ(عليها السلام) الحسينَ(عليه السلام) جاء جبرئيل إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال له: إنّ اُمّتك تقتل الحسين من بعدك. ثمّ قال: ألا أُريك من تربته؟ فضرب بجناحه، فأخرج من تربة كربلاء وأراها إيّاه، ثمّ قال: هذه التربة التي يُقتل عليها[102]
    الحديث الرابع: عن ابن عبّاس، قال: الملك الذي جاء إلى محمّد(صلى الله عليه وآله) يخبره بقتل الحسين(عليه السلام) كان جبرئيل(عليه السلام) الروح الأمين، منشور الأجنحة باكياً صارخاً، قد حمل من تربة الحسين وهي تفوح كالمسك، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): وتفلح اُمّتي تقتل فرخي ! أو قال: فرخ ابنتي. فقال جبرئيل: يضربها الله بالاختلاف فتختلف قلوبهم[103]
    الحديث الخامس: عن عبد الملك بن أعيَن، قال: سمعت أبا عبد الله(عليه السلام) يقول: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) كان في بيت اُمّ سَلَمة وعنده جبرئيل(عليه السلام)، فدخل عليه الحسين(عليه السلام)، فقال له جبرئيل: إنّ اُمّتك تقتل ابنك هذا، ألا أُريك من تربة الأرض التي يُقتل فيها؟ فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): نعم، فأهوى جبرئيل(عليه السلام) بيده وقبض قبضة منها، فأراها النبيّ(صلى الله عليه وآله)[104]











نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى البكاء الحسينى نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن