کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری




    * * *


    * * *


    ليس مثل قطرات دمع تنساب على وجنتي محبّ تعبيراً عن أحاسيس الشوق والمحبّة ، أبلغ إثارةً منها للأحاسيس كقطرات دمع تذرفها عيون عشّاق الإمام الحسين(عليه السلام) وشيعته كلّما تذكّروه ، لا فرق في ذلك ، يبكونه حزناً أم شوقاً وحنيناً ، فهي دموع المحبّة والعشق والولاء لمولاهم الشهيد الغريب المظلوم أبي عبد الله الحسين(عليه السلام) الذي قال عن نفسه : "أنا قتيل العبرة ، لا يذكرني مؤمن إلاّ بكى" .
    وهذه الدموع هي رمز بقاء التشيّع على مرّ العصور ، ولا تقاس بغيرها من الدموع التي تُسال .
    لقد كان الشيعة ـ وعلى مرّ التاريخ ـ يوجبون على أنفسهم إحياء وإخلاد ذكرى مولاهم الحسين(عليه السلام) بالبكاء عليه ، ويعدّون الحزن على الأولياء والبكاء عليهم إحدى طرق إخلادهم وإبقاء ذكراهم ، ويوصون الأجيال القادمة بذلك .
    وهم يعلمون أنّ البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) ليس كالبكاء على أيّ مصاب آخر ، هذا البكاء ليس على شيء فُقِد وحسب ، إنّما هو بكاءٌ على أحد أولياء الله ظُلم ولم يجد من ينصره ، فأضحى بكاء النصر الممزوج بحبّ الولاء .
    بكاءٌ على ذلك الشهيد الذي جرت عليه الدواهي والمصائب ما لم ولن تجري على شخص غيره أبداً . بكاء على أعظم مصيبة شهدها التاريخ ، وبصريح قول الإمام الزكي(عليه السلام) " لا يوم كيومك يا أبا عبد الله" .
    بكاءٌ على مَن بكى النبيّ(صلى الله عليه وآله) غربته ومظلوميته . بكاءٌ على مَن فتّت كبد الزهراء(عليها السلام) وأقرح عيون المرتضى (عليه السلام).
    بكاءٌ على منحور القفا ، بكاءٌ على من طِيف برأسه من بلد إلى بلد ، أمام منظر من أولاده وبناته وأخواته .
    بكاءٌ على سليب العمامة والردا ، ومن سُلب قميصه البالي . بكاءٌ على من لم يسلم حتّى طفله الرضيع، فنُحر بين يديه وهو يعظهم ويُذكّرهم غضب الجبّار .
    بكاءٌ على من بكته الأرض والسماء.

    * * *


    * * *


    وحقّاً أنّ البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) أضحى سبباً لبقاء التشيّع قويّاً إلى يومنا هذا ، فلا عجب أن يسعى أعداء التشيّع إلى محاربة هذه الشعيرة ووصفها بأشنع الأوصاف ، فضلاً عن تحريمها وتسفيه أهلها .
    أضحى البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام) كأنّما هو فرض من فروض الديانة الحقّة ، فالتزم به الشيعة بكلّ قدسية وهم يقتدون بإمامهم الصادق(عليه السلام) حيث يقول :
    إن كنت باكياً لشيء فابكِ على الحسين بن علي بن أبي طالب ; فإنّه ذُبح كما يُذبح الكبش... ولقد بكت السماوات السبع والأرضون السبع لقتله[2]
    ولم يترك الله سبحانه وتعالى الباكين على الإمام الحسين(عليه السلام) من دون أن يتحفهم بجوائزه التي أشارت إليها الأحاديث المروية عن المعصومين (عليهم السلام); ترغيباً وحثّاً عليه، والتي منها أنّ البكاء عليه يوجب غفران الذنوب العظام، وأنّ الباكي على الإمام الحسين(عليه السلام) يكون في الدرجات العُلى من الجنان، وأنّ الله جعل يوم القيامة للباكي عليه يوم سرور وفرح، يبوّئه الله بها في الجنّة غرفاً يسكنها أحقاباً.
    ولا يشكّ في ذلك إلاّ جاهل أو معاند ، أمّا المعاند فأسأل الله له الهداية ، وأمّا الجاهل أو الغافل فحريّ بنا أن ندلّه على حقيقة فضل البكاء على الإمام الإمام الحسين(عليه السلام) وأهمّيته، وذلك من خلال إبراز صحيح الأحاديث التي ذكرت فضل البكاء، وما أكثرها .
    فهذا الصحيح في البكاء الحسيني يبيّن لك ـ بدراسة فنّية ـ صحّة الأحاديث التي ذكرت فيها فضيلة البكاء على الإمام الحسين(عليه السلام)، كما وقدّمتُ للبحث مقدّمة بسيطة تناولت فيها البحث في بكاء النبيّ(صلى الله عليه وآله) على الشهداء وموتى المؤمنين بالاستعانة بما نُقل في كتب أهل السنّة من أحاديث.
    ثمّ قمتُ بسرد أحد عشر حديثاً صحيحاً، وبسطت الكلام في بيان حال رواة الأحاديث، وحقّقت المصادر الأوّلية لها، وأثبتّ أنّها إنّما اُخذت من المصادر التي كان عليها المُعوّل عند قدماء أصحابنا، إذ قمت بذكر الأحاديث التي كان لرواتها في كتب الرجال توثيق صريح.
    ومرادي من كتب الرجال هنا: رجال الكشّي، رجال النجاشي، رجال الطوسي، فهرست الطوسي، خلاصة الأقوال، رجال ابن داود، فإذا لم يَرد توثيق لواحد من رواة الحديث في كتب الرجال تلك، لم أعبّر عن ذلك الحديث بالصحيح.
    والجدير بالذكر أنّ هذه الأحاديث الإحدى عشرة التي سلّطت الضوء عليها، إنّما هي من الأحاديث الصحيحة الأعلائية ; وأعني بالأعلائية أنّ كلّ واحد من رواتها في كلّ مرتبة معلوم الإمامية والعدالة والضبط، فيعبّر عنه بالصحيح الأعلائي[3]
    نعم، في مورد واحد ذكرت حديثاً مصححّاً ; لأهمّيته في الموضوع ، ألا وهو مصححّة الريان بن شبيب، وذكرت الشواهد على قبول ذلك التصحيح.
    وأخيراً ، لا أدّعي الكمال فيما اُقدّمه فالكمال لله تعالى ، أو أنّي استوفيت فيه كلّ ما أبتغيه ، ولذا أستعين بك عزيزي القارئ ; لتتحفني بملاحظاتك القيّمة وانتقاداتك، أو ما تبديه قريحتك ممّا غفلتُ عنه .[4]
    وأرى من الواجب عليَّ أن أتقدّم بجزيل الشكر والثناء إلى سماحة الاُستاذ العلاّمة فقيه أهل البيت(عليهم السلام)، السيّد أحمد المددي أدام الله بقاءه ـ مشجّعي في خوض هذا المضمار، والمتفضّل علَيَّ بإرشاداته القيّمة ـ الذي ما زال يعرب عن حبّه وشوقه لنشر هذه الأبحاث.
    كما وأتقدّم بوافر الشكر والتقدير للأخ النبيل محمّد پور صبّاغ لمشاركته وجهوده في تقييم نصّ الكتاب بأمانة ودقّة. سائلاً المولى القدير أن يوفّقه لمرضاته ويثيبه على جهوده النبيلة ، إنّه ولي التوفيق .
    أحمدك اللّهمّ وأشكرك على ما أنعمت علَيَّ وتفضّلت به على عبدك من توفيق وسداد لإتمام هذا العمل اليسير، راجياً قبوله بلطفك ومنّك يا كريم ، وأن يكون نافعاً لي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلاّ من أتاك يا ربّ بقلب سليم.
    وأخيراً ، أتوجّه إليك يا مولاي يا أبا عبد الله، يا مَن قطّعت أوصالك حبّاً لبارئك ، ببضاعتي المزجاة أضعها بين يدي الغيب راجياً وصولها إلى محطّة الرضوان وبالحضرة القدسية لسيّدي الرحمان ; لكي يثيبني عليها أحسن الثواب، ويضمن لي النجاة يوم (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّآ أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْل حَمْلَهَا وَ تَرَى النَّاسَ سُكَـرَى وَ مَا هُم بِسُكَـرَى) ، فهل أذهل عنك يامولاي وعن رجاء شفاعتك وحملي هو كتابي هذا أضعه أمامي قائلاً : اشفع لي يا حسين فأنا من محبّيك والداعين إلى محبّتك ؟
    أقدّم لك يا سيّدي هذا الجهد المتواضع علّي أحضى بشفاعتك يوم يُنادى على الناس بإمامهم ، فأنت إمامي وأنت مرتجاي .
    مهدي خدّاميان الآراني
    محرّم الحرام 1430 ـ قمّ المقدّسة





نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب الصحيح فى البكاء الحسينى نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن