کتب دکتر مهدی خدامیان آرانی - سایت نابناک

سایت استاد مهدي خداميان آرانی

در حال بارگذاری

    الفصل الأوّل: بداية تدوين الحديث

     الفصل الأوّل: بداية تدوين الحديث


    يعدّ الحديث أحد الركنين الأساسيّين في استنباط الأحكام الفقهية، ومركز ثقل العقيدة الإسلامية التي تضمن سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة.
    ولذلك أكّد رسول الله(صلى الله عليه وآله) على حفظ الحديث وكتابته، فلو قام كلّ من أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) بتدوين كلّ ما سمع منه، لانضبطت السنّة وتواترت الأحاديث الشريفة.[7]
    ومن المعروف أنّ رواة الأحاديث من أصحاب الرسول(صلى الله عليه وآله)، وأصحاب أئمّة أهل البيت(عليهم السلام) تحمّلوا سياسات الإرهاب والقتل، وذلك حينما منع أصحاب السلطة السياسية بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) نقل بعض الأحاديث وتدوين السنّة الشريفة، وقاموا بمعاقبة كلّ من يبثّها بين الناس.
    جمع أبو بكر الناس بعد وفاة نبيّهم وقال: "لاتحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله".[8]
    كما أنّ عمر بن الخطّاب أمر بأن تُجمع الأحاديث التي كُتبت عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأمر بإحراقها.[9]
    وأصدر أوامره إلى عمّاله في الأمصار أنّ من كان عنده شيء من الحديث فليمحه.[10]
    وقام بحبس أبي ذر وابن مسعود وحذيفة بالمدينة المنوّرة، ومنعهم من الخروج عنها، وما لهم من ذنب اقترفوه، إلاّ كونهم رواة للحديث النبويّ.
    يذكر التاريخ أنّ عمر جمع عبد الله بن مسعود وحذيفة وأباذر من الآفاق وقال لهم: "ما هذه الأحاديث التي أفشيتم عن رسول الله في الآفاق؟"، قالوا: "تنهانا؟" قال: "لا، أقيموا عندي، ولا والله لا تفارقوني ما عشت، فنحن أعلم، نأخذ عنكم ونردّ عليكم".[11]
    وجرت السياسة الأُموية على هذا المنهج، فقد صُدّ الناس والأُمّة عن أهل بيت النبوّة ومعدن الرسالة، ولا سيما أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)، حتّى أنّ معاوية كتب إلى عمّاله: "أن برئت الذمّة ممّن روى شيئاً في فضل أبي تراب وأهل بيته... لا تتركوا خبراً يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وتأتوني بمناقض له في الصحابة... انظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ عليّاً وأهل بيته... فنكّلوا به واهدموا داره".[12]
    وبعد ذلك بدأ الأُمويّون بصبّ أنواع البلاء على شيعة أهل البيت(عليهم السلام)، وكان أشدّ الناس بلاءً وأكثرهم حينئذ أهل الكوفة; لكثرة من بها من شيعة أمير المؤمنين(عليه السلام).
    واستمرّ هذا الوضع إلى أن ذهبت الدولة الأموية واستقرّت الخلافة العبّاسية، ولمّا ملكت بنو العبّاس، ظهر خبثهم وغدرهم وشدّتهم على الشيعة، فراحوا يتتبّعونهم دون رحمة، يضيّقون عليهم، وجروا في مضمار بني أُمية.
    يحدّثنا الخطيب البغدادي قائلاً: "إنّ أحد المحدّثين حدّث عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) أنّه أخذ بيد الحسن والحسين فقال: من أحبّني وأحبّ هذين وأباهما وأُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة، فأمر المتوكلّ بضربه ألف سوط".[13]
    وفي التاريخ نصوص كثيرة ومشاهد متنوّعة تبيّن سياسة العبّاسيّين تجاه خصومهم من أهل الحديث من الشيعة.
    وهذا الشيخ الجليل محمّد بن أبي عُمير الذي سجنه هارون الرشيد وأمر بضربه ضرباً عظيما على التشيّع، فتولّى ضربه السندي بن شاهك.[14]
    ومن هذا يظهر مدى الخطر الذي ألمّ برجال الحديث، ولكنّهم لم يكونوا يخافون من السجن والقتل والتعذيب، فهم ماضون في أمرهم، ثابتون على نهجهم في نشر علوم محمّد وآل محمّد(عليهم السلام) ومعارفهم وآثارهم.
    وقد خلّف علماؤنا وأُمناؤنا تراثاً علمياً ضخماً، وثروات فكرية غنية، تراها ساطعة لامعة في سماء المعارف والفنون، لم يزدها تمادي القرون والأعصار إلاّ إشراقاً وتألّقاً وبهجةً ونضارةً.
    عُنيت مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) عناية كثيرة بتدوين الأحاديث، خلافاً لمنهج أهل السنّة، وكان ذلك بإرشاد من الأئمّة(عليهم السلام)، إذ أكّدوا على كتابة الحديث، وأوّلهم وزعيمهم كان أمير المؤمنين(عليه السلام) الذي قام بكتابة أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فألّف كتابه المسمّى "الصحيفة الجامعة"، التي تشمل جميع الأحكام.
    وهذا الكتاب كان عند الأئمّة(عليهم السلام) يتوارثونه، قال الإمام الصادق(عليه السلام): "أما والله، إنّ عندنا ما لا نحتاج إلى أحد، والناس يحتاجون إلينا، أنّ عندنا الكتاب بإملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وخطّه عليّ(عليه السلام) بيده...".[15]
    وقد رأى زرارة هذه الصحيفة فوصفها بقوله: "صحيفة مثل فخذ البعير... فلمّا ألقى إليَّ طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنّه من كتب الأوّلين، فنظرت فيها، فإذا فيها خلاف ما بإيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف . . ." .
    فقال له الإمام الباقر(عليه السلام): الذي رأيت والله يا زرارة هو الحقّ، الذي رأيت إملاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخطّ عليّ(عليه السلام) بيده".[16]
    وقد عبّرت بعض الأخبار عن هذه الجامعة بأُصول علم، قال الإمام الصادق(عليه السلام): "لو كنّا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين، ولكنّا نفتيهم بآثار من رسول الله(صلى الله عليه وآله)وأُصول علم عندنا، نتوارثها كابر عن كابر، نكنزها كما يكنز هؤلاء ذهبهم وفضّتهم".[17]
    إلاّ أنّ أهل السنّة حاولوا نفي عظمة هذا الكتاب; فقد ذكروا أنّه ليس فيه إلاّ ثلاثة أحاديث.
    هذا البخاري يذكر في صحيحه بإسناده عن الشعبي، عن أبي جحيفة أنّه سأل عليّاً(عليه السلام): "هل عندكم كتاب؟، قال: لا، إلاّ كتاب الله، أو فهم أُعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟، قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر".[18]
    وذكر في موضع آخر أنّ أبا جحيفة سأل عليّاً(عليه السلام): "هل عندكم شيء ممّا ليس في القرآن؟ فقال: والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة، ما عندنا إلاّ ما في القرآن، إلاّ فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابه، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر".[19]
    وبما أنّهم لم يمكنهم إنكار هذه الصحيفة الجامعة من الأساس، قاموا بتضعيفها والتقليل من أحاديثها، مع أنّ الإمام قال في وصف هذه الصحيفة: "تلك صحيفة... فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه، وليس من قضية إلاّ وهي فيها، حتّى أرش الخدش"[202122]
    ثمّ إنّ بعض أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام) قام بكتابة الحديث وتدوينه، منهم: عبيد الله بن أبي رافع الذي قام بتدوين كتاب قضايا أمير المؤمنين(عليه السلام)[2324]
    والظاهر أنّ أحاديث الكتاب كانت في الأصل من الوالد، فجمعها ودوّنها الولد في كتاب، فلذلك تارةً يُنسب إلى الوالد وأُخرى إلى الولد. وكتب ربيعة بن سميع كتاباً في زكوات الغنم، والنجاشي يصرّح بذلك[2526]


نوشته ها در باره این

نظر شما

.شما در حال ارسال نظر براي از كتاب تحقيق فهرست سعد نوشته مهدى خداميان هستید

‌اگر مي خواهيد مطلب ديگري - كه ربطي به اين ندارد- براي من بفرستيداينجا را كليك كنيد.


عنوان این فیلد نمی تواند خالی باشد.
متن نظر شما
لطفا ایمیل خود را وارد کنید * این فیلد نمی تواند خالی باشد.لطفا ایمیل را صحیح وارد نمایید.
لطفا نام خود را وارد نمایید


ابتدای متن